سنن الوضوء أو لا إعادة على من تركها إلا في الوقت ولا في غيره، أما السنن التي لا يمكن تلافيها كغسل اليدين قبل إدخالهما في الاناء والاستنثار ورد مسح الرأس فلا فائدة للإعادة إذ لا يمكن تلافيها، وأما الترتيب فقد تقدم في كلام ابن رشد في الكلام على التنكيس أن مذهب المدونة أنه لا يعيد الصلاة، ولا الوضوء وظاهره أنه لا إعادة عليه لا في الوقت ولا بعده. وأما مسح الاذنين وتجديد الماء لهما فيظهر من كلام ابن بشير أن حكمهما حكم المضمضة والاستنشاق ونصه: وأما داخل الاذنين فلا خلاف أنهما سنة فمن ترك مسحهما لم تبطل صلاته على ما قدمناه في المضمضة والاستنشاق، ويعيدهما لما يستقبل، وأما خارج الاذنين ففيه قولان: أحدهما أنه فرض، والثاني أنه سنة، والمعول عليه أنهما سنة. وإذا قلنا إنهما فرض فإن تركتا فالمشهور صحة الصلاة لأنهما ممسوحتان في الرأس والمسح مبني على التخفيف وليسارتهما. وقال ابن الجلاب: القياس الإعادة ويجدد لهما الماء، فإن لم يجدد فلا يعيد كما قدمناه. وفي المذهب قول إنه يجدد انتهى. وقال في الطراز: إذا قلنا يجب مسحهما فتركهما سهوا حتى صلى فلا يختلف المذهب أنه تصح صلاته. واختلف في وجه ذلك فقيل:
استحسان لا قياس. وقال الأبهري: لما اجتمع فيهما خلافان - أحدهما أنهما من الرأس، والثانية وجوب مسحهما - لم ير مالك الإعادة وهذا يرجع إلى الاستحسان، ويخرج ذلك على قول ابن مسلمة لان مسح جميع الرأس عنده غير واجب فإن ترك ثلث رأسه عنده أجزأه فكيف بمن ترك مسح أذنيه، فإن ترك ذلك عمدا اختلف القائلون بالوجوب، فتعليل الأبهري يقتضي أنه تجزئه صلاته. وقال أبو جعفر: قال بعض أصحابنا: إن تركهما عمدا أعاد الوضوء، وحملوا قول مالك على السهو استحسانا انتهى. وذكر اللخمي بعض هذا، وصرح في سماع موسى من كتاب الطهارة بأن من نسي مسح أذنيه أو نسي المضمضة والاستنشاق وصلى فلا إعادة عليه.
قال ابن رشد: إنما قال لا إعادة على من نسيهما وهما عنده من الرأس ومسح جميعه واجب عنده مراعاة للخلاف. وقد تقدم لفظه في الكلام على التجديد والله تعالى أعلم. وقال ابن شعبان: الأذنان من الرأس كما قال رسول الله (ص)، ويجدد لهما ماء ويدخل أصبعيه في صماخيه وليس عليه غسلهما، فمن مسحهما مع رأسه أو تركهما عمدا أو سهوا لم يعد صلاته إلا أنا نأمره بالمسح لم يستقبل ونقصد في العمد كذلك انتهى والله تعالى أعلم. والذي " يظهر من كلامهم أن من ترك السنة لا يؤمر بإعادة الصلاة. قال في الذخيرة في أول فصل سنن الوضوء قال صاحب الطراز: والفرق بين السنة والفضيلة والفريضة، أن الأول يؤمر بفعله إذا تركه من غير إعادة الصلاة. والثاني لا يؤمر بفعلها إذا تركها ولا بالإعادة. والثالث يعاد لترك الصلاة تنتهي. وكلام سند الذي ذكره في أوائل باب ترتيب الوضوء الخامس قول المصنف ومن ترك فرضا يريد أو شك في ذلك. قال في أوائل كتاب الطهارة من المدونة: ومن شك في بعض وضوئه فلم يتيقن أنه غسله فليغسل ما شك فيه انتهى. والحكم فيه حكم من تحقق