مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٢٣
عن حمد يقوم بحق الخالق إلا إذا جعلت اللام للعهد. والنعم جمع نعمة بكسر النون وهي المنة والصنيعة وما أنعم الله به على الإيسان، وتطلق على الإنعام ويصح جعلها في كلام المصنف بمعنى المعم به وبمعنى الأنعام. قيل: وهو أولى لأن الحمد على الصفات أولى منه على متعلقاتها. وأما النعمة بالفتح فهي التنعم وبالضم السرور، وأعظم النعم الهداية للإسلام. ومعنى أولانا أعطانا، والفضل الزيادة ويقال على الإعطاء بلا سبب ولا علة. والكرم الجود ويطلق على كرم الأصل، وجعل المصنف الحمد في مقالة النعم ليكون شكرا موجبا للمزيد إذ من النعم العظيمة إلهامه لتصنيف هذا الكتاب ثم تكميله ثم الانتفاع به، وعطف الشكر عليه تنبيها على حصول التعظيم والثناء بالجنان والأر كان أيضا فإن الحمد إنما هو باللسان كما تقدم.
فائدة: قال سيدي محمد بن يوسف السنوسي: حكم الحمد الوجوب مرة في العمر كالحج وكلمتي الشهادة والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم انتهى. وحكم الابتداء به في أول المصنفات وأول الأقراء والقراءة الاستحباب كما ذكره الفاكهاني في أول شرح الرسالة. قال: قال العلماء:
يستحب البداءة بالحمد لكل مصنف ودارس ومدرس وخطيب وخاطب ومتزوج ومزوج وبين يدي سائر الأمور المهمة. قال الفاكهاني: قلت: وكذلك الثناء على الله والصلاة على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم انتهى. وكأنه يريد بالثناء على الله الزيادة على الجمد والله أعلم. ص: (لا أحصى ثناء عليه هو كما أثنى على نفسه) ش: لما حمد الله تعالى على ما تزايد من النعم وشكره، نبه على أن ذلك إنما هو امتثال للأمر وإلا فليس يحصى الثناء عليه تعالى أحد، وأصل هذا قوله صلى الله عليه وآله وسلم (لا أحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك) رواه مسلم. ولو أتى به المصنف هكذا لكان فيه مع موافقة لفظ الحديث التفات، وكأنه قصد أن يكون الكلام على أسلوب واحد، ولأجل السجع في قوله: (رمسه). ومعنى لا أحصى لا أطيق أن أثنى عليك بما تستحق أن يثنى عليك به. وقال مالك: معناه لا أحصى نعمك فأثنى عليك بها. ثم عقبه بقوله: (هو كما أثنى على نفسه) اعترافا بالعجز عن الثناء تفصيلا ورد ذلك إلى المحيط بكل شئ. قال الآبي: يريد أن عظمة الله وصفات جلاله لا نهاية لها وعلوم الشر وقدرهم متناهية فلا يتعلقان بما لا يتناهى، وإنما يتعلق بذلك علمه تعالى الذي لا يتناهى وتحصيه قدرته التي لا تتناهى.
فائدة: قال الشيخ يوسف بن عمر: اختلف في تعيين الفاضل من الحمد فقيل: الحمد لله بجميع محامده كلها ما علمت منها وما لم أعلم. وقيل: اللهم لا أحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك. وقيل: الحمد لله حمدا يوافي نعمه ويكافئ مزيده. قال: وينبني على ذلك مسألة فقهية فيمن حلف ليحمدن الله بأفضل محامده، فمن أراد أن يخرج من الخلاف
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»
الفهرست