مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ١٢٢
فصل الطاهر ميت ما لا دم له لا خفاء في مناسبة هذا الفصل للذي قبله لأنه لما ذكر فيه أن ما تغير بطاهر طاهر، وما تغير بنجس نجس، احتاج إلى بيان الأشياء الطاهرة والأشياء النجسة، وقدم الطهارة لان الأصل في الأشياء الطهارة فقال: الطاهر ميت ما لا دم له. يعني أن الطاهر أنواع منها ميتة الحيوان البري الذي لا دم فيه وهو الذي يقال فيه ليس له نفس سائلة كما تقدم بيان ذلك ولو كانت فيه رطوبة كالعنكبوت والجداجد والعقرب والزنبور والصرصار والخنافس وبنات وردان والجراد والنحل والدود والسوس. وفي ميتة ما لا نفس له سائلة طريقتان في المذهب: الأولى أنها طاهرة باتفاق وهذه طريقة ابن بشير. قال في العتيبة: وأما البري مما لا نفس له سائلة لا ينجس بالموت بلا خلاف انتهى. والطريقة الثانية أن فيها قولين المشهور أنها طاهرة، قال في التوضيح:
نقل سند عن سحنون أنها نجسة لكنها لا تنجس غيرها انتهى. وقال ابن عرفة: ميتة بري ذي نفس سائلة (ير إنسان كالوزغ نجس ونقيضها طاهر، وفي الآدمي قولان لابن شعبان مع ابن عبد الحكم وابن القصار مع سحنون. ثم قال ابن نافع وأشهب: ميتة غير ذي النفس السائلة نجسة وسمعا: لا بأس بأكل ما مات في خشاش ويبينه إن باعه. ابن رشد: بناء على عدم شرط ذكاته كقول القاضي خلافا لابن حبيب. قال ابن عرفة: قلت: المفرع على عدم شرط ذكاته أكله لا أكل ما حل فيه لثبوته على شرط ذكاته إن بين على المشهور انتهى. فصدر بالحكم بطهارة ميتة ما لا نفس له سائلة. ثم ذكر عن أشهب وابن نافع نجاستهما وأنه يؤكل ما مات فيه الخشاش. والذي يتحصل من كلامه في التنبيهات أنه إذا لم يتفرق ويتقطع في الماء والطعام ولم يطل مكثه فلا إشكال في طهارة الماء والطعام وفي جواز أكله كما أنه لا خلاف أنه إذا تفرق فيه وتغير منه الماء أن له حكم الماء المضاف. وهل هو نجس أم لا؟ اختلف فيه، ومذهب أشهب تنجيس ما خالطه بطبخ أو شبهه، وأنكره عليه سحنون قال: والصواب أن لا ينجس ما لا نفس له سائلة كيف كان. وأما أكل الطعام إذا تحلل فيه أو طبخ فاختلف فيه أيضا، والصواب أن لا يؤكل إذا كان مختلطا به وغالبا عليه، وإن تميز الطعام منه أكل دونه إذ لا يؤكل الخشاش على الصحيح من المذهب إلا بذكاة وإن كان بعض الشيوخ خرج أكله بغير
(١٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 ... » »»
الفهرست