ظاهر قول أبي هريرة. وأما إن كان في إناء يمكنه أن يفرغ منه على يديه فلا يدخلهما فيه حتى يغسلهما، فإن أدخلهما فيه قبل أن يغسلهما فالماء طاهر إن كانت يده طاهرة، ونجس إن كانت يده نجسة على مذهب ابن القاسم، وإن لم يعلم بيده نجاسة فهي محمولة على الطهارة، وسواء أصبح جنبا أو غير جنب. انتهى من رسم نذر سنة من سماع ابن القاسم من كتاب الجامع.
فرع: وقال الشيخ يوسف بن عمر: قوله: قبل دخولهما في الاناء غير مقصود والمقصود غسلهما عند ابتداء الوضوء، وسواء توضأ من الاناء أو من النهر انتهى. ولم يتكلم ابن رشد على ما إذا عجز ولم يقدر على حيلة. وقال في المنتقى في آخر جامع غسل الجنابة: لا يخلو أن يكون ما بيده من النجاسة يغير الماء أو لا يغيره، فإن كان بغيره فلا يدخل يده فيه، وحكم هذا حكم من ليس عنده ماء. فإن كان لا يغيره فليدخل يده فيه ثم يغسل يده بما يغرف بها من الماء ثم يتوضأ أو يغتسل، لان إدخال يده إذا لم يغير الماء فإنه لا ينجسه وإنما يكره له مع وجود غيره، وحكمه حكم الماء اليسير تحله نجاسة ولم تغيره، فالظاهر من قول أصحابنا إنه أولى من التيمم. وعلى قول ابن القاسم لا يدخل يده ويتيمم انتهى وهو ظاهر والله تعالى أعلم.
الرابع: قال ابن المنير في تيسير المقاصد لائمة المساجد: وسننه غسل يديه قبل إدخالهما في الاناء، يفرغ ثلاثا على اليمنى فيغسلها ثم يفرغ بها على اليسرى فيغسلها انتهى. قال في البيان في آخر سماع من كتاب الطهارة في شرح المسألة الثانية والثلاثين في رسم الوضوء والجهاد: وهذا كما قال إن الاختيار في غسل اليدين قبل الوضوء أن يفرغ على يده اليمنى فيغسلهما, جميعا اتباعا لظاهر الحديث، وإن أفرغ على اليمنى فغسلها وحدها ثم أدخلها في الاناء فأفرغ بها على يده اليسرى فغسلها أيضا وحدها أجزأه ولم يكن عليه في ذلك ضيق.
وفي أول سماع عيسى لابن القاسم مثل اختيار مالك هذا. واختلف اختيارهما في تمام الوضوء هل يدخل يديه جميعا في الاناء، أم يدخل الواحدة ويفرغ على الثانية ويتوضأ؟ ثم قال في المسألة الثانية من سماع عيسى: اختيار ابن القاسم هنا أن يفرغ على يده الواحدة فيغسلهما جميعا هو مثل ما تقدم لمالك في سماع أشهب، ورأي واسعا أن يفرغ على يده فيغسلها وحدها ثم يدخلها في الاناء فيفرغ بها على ا - أخرى فيغسلها أيضا وحدها، وأما في بقية الوضوء فاختار مالك في هذه الرواية أن يدخل يديه جميعا في الاناء فيغرف بهما جميعا لوجهه ثم لسائر أعضائه. وظاهر قول ابن القاسم أنه يدخل يده الواحدة فيغرف بها على الثانية فيغسل وجهه ثم يفعل ذلك في سائر أعضاء وضوئه، وهو أحسن من قول مالك لان ما يغرف بيده الواحدة يكفيه لغسل وجهه، وهو أمكن له من أن يغرف بيديه جميعا، ولعل الاناء يضيق عن ذلك. وإنما يغرف بيديه جميعا في الغسل لقوله (ص) في الحديث: ثم يصب على رأسه ثلاث غرفات بيديه والله تعالى أعلم انتهى. وقال في الطراز: اختلف في الترتيب بين اليدين وغسلهما قبل إدخال الاناء. فروى أشهب عن مالك أنه يغسل اليمنى ثم يدخلها في الاناء