شيخنا محمد بن يوسف القيسي قال: رأيت النبي (ص) في المنام فقلت له: أجمع بين المضمضة والاستنشاق في غرفة واحدة؟ فقال: نعم انتهى. وقوله: أو إحداهما يشير إلى أنه يجوز أن يمضمض ثلاث مرات بغرفة واحدة ثم يستنشق ثلاثا بغرفة واحدة.
الثالث: لم يذكر المصنف الوجه الثاني في كلام الباجي الذي اختاره ابن رشد ولم يشر إليه ولا في الجائزات، ويتعين ذكره لاختيار ابن رشد له.
الرابع: ذكر ابن الفاكهاني في شرح الرسالة أن اختيار مالك أن يتمضمض ثلاثا من غرفة ثم يستنشق ثلاثا من غرفة. قال: وهو أولى ليكون الاستنشاق كله بعد المضمضة كلها ويسلم من التنكيس انتهى. وهو غريب أعني كونه اختيار مالك.
الخامس: بقي من صفات المضمضة والاستنشاق صفة لم أقف على من ذكرها، وهو أن يأخذ غرفة ثالثة يستنشق منها مرتين والظاهر جوازها.
السادس: قال في الطراز: ويستحب أن يتمضمض ويستنشق بيمناه وهو متفق عليه ومأثور في وضوء النبي (ص). وقال في الزاهي: وحمل الماء لذلك يعني للمضمضة والاستنشاق باليمنى خاصة.
السابع: قال في الزاهي: من لم يستطع ذلك يعني المضمضة والاستنشاق من علة تمنعه منه لم يلزمه انتهى.
الثامن: قال الفاكهاني في شرح قول الرسالة: يجزيه أقل من ثلاث في المضمضة والاستنشاق، هذا لا يختص بالمضمضة والاستنشاق أعني الاقتصار على ثلاث فإن مغسولات الوضوء كلها كذلك، وكان مراده والله تعالى أعلم بقوله: أحسن أي أحسن من الاثنين لا أحسن من الواحدة إذ الاقتصار على الواحدة مكروه، وليس بين الكراهة والحسن صيغة أفعل، ولو قال ويجزيه الاقتصار على الاثنين لكان أبين انتهى. وقال الشيخ زروق في شرح قول الرسالة أيضا: ويجزيه أقل من ثلاث في المضمضة والاستنشاق ويعني بحيث يفعل لكل واحدة واحدة أو لواحدة أكثر من الأخرى واثنتين اثنتين، وسواء الفعلات - وهو المقصود هنا - أو الغرفات انتهى. وقال في شرح قول الرسالة: ثم يستنشق بأنفه الماء ويستنثره ثلاثا. تقدمت كراهة مالك لما دونها لا سيما عند القيام من النوم، ففي الصحيح: إذا استيقظ أحدكم من منامه فليستنثر ثلاثا فإن الشيطان يبيت على خيشومه متفق عليه انتهى. ويشير بقوله:
تقدمت كراهة مالك لما دونها إلى ما ذكره عن ابن عرفة ونصه: الاستنشاق جذب الماء بأنفه، ونثره بنفسه ويده على أنفه ثلاثا. وكرهه مالك دونهما. قال الشيخ زروق: أي دون الثلاث ودون اليد على الانف والله تعالى أعلم.