فيفرغ على اليسرى. وقال ابن القاسم في رواية عيسى: أحب إلي أن يفرغ عليهما فيغسلهما كما جاء في الحديث. انتهى من بات ترتيب الوضوء وموالاته.
حكاية وموعظة: ذكر أن بعض المبتدعين سمع قوله (ص): إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يديه قبل أن يدخلهما في وضوئه فإنه لا يدري أين باتت يده قال كالمستهزئ: أنا أدري أين باتت يدي كانت على الفراش فأصبح وقد أدخل يده في دبره إلى ذراعه. ذكر ذلك ابن المفضل في شرح مسلم. ص: (ومضمضة واستنشاق) ش: يعني أن السنة الثانية من سنن الوضوء المضمضة، والسنة الثالثة من سننه الاستنشاق. فأما المضمضة فهي بضادين معجمتين، وأصلها في اللغة التحريك والتردد ومنه قولهم: مضمض النعاس في عينيه ومضمض الماء في الاناء أي حركة. وظاهر كلامه في الطراز أنه يقال فيها مصمصة بالصاد المهملة فإنه قال:
المصمصة معجمة وغير معجمة بمعنى واحد وهو جعلك الماء في الاناء ثم تحركه انتهى. ولعله يريد في اللغة قال في الصحاح: والمصمصة يعني بالمهملة مثل المضمضة إلا أنها بطرف اللسان، والمضمضة بالفم كله انتهى. وأما في الشرع فقال ابن عرفة عن القاضي: هي إدخال الماء فاه فيخضخضه يمجه ثلاثا انتهى. ولفظه في التلقين صفتها أن يدخل الماء إلى فيه يخضخضه ثم يمجه انتهى. وقال في الطراز: هي في الوضوء أن يخضخض الماء بفيه ثم يمجه. وهكذا قال غير واحد. وظاهر كلامهم أن الخضخضة والمج داخلان في حقيقتها. وقال الفاكهاني في شرح الرسالة بعد أن ذكر كلام التلقين: فأدخل المج في ذلك. فعلى هذا إذا ابتلعه لم يكن آتيا بالسنة، ويمكن أن يكون ذلك لان العادة والغالب لا أنها تتوقف على المج، ولا بد، وأما أقلها فبأن يجعل الماء في فيه ولا يشترط إدارته عند الشافعية، وأما عندنا فالظاهر اشتراطه لتقييدهم ذلك بالخضخضة وهي التحريك انتهى.
قلت: وفي الزاهي لابن شعبان: ولا يمج المتوضئ الماء حتى يخضخضه في فيه. وقال الآبي في شرح مسلم: المضمضة تحريك الماء في الفم بالإصبع أو بقوة الفم. زاد بعضهم: ثم يمجه. فأدخل في حقيقة المج قال تقي الدين: فعلى هذا لو ابتلعه لم يكن مؤديا للسنة إلا أن يقال: إنما زاده من حيث إنه العادة لان أداء السنة يتوقف عليه. قال: وإن كان في الفم درهم أداره ليصل الماء إلى محله انتهى. والظاهر أنه أراد بتقي الدين ابن دقيق العيد وكأنه لم يقف على كلام الفاكهاني. وفيما ذكره من إدارة الدرهم نظر، لأن الماء يصل إلى ما تحته، وقال