مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٣٥٤
الشيخ زروق في شرح قول الرسالة: فيمضمض فاه يجعل فيه الماء ثم يخضخضه ويمجه بقوة، فإن فتح فاه فنزل الماء دون دفع ففي مجهول الجلاب قولان، ولو لم يمج الماء وابتلعه فقولان أيضا. زاد في شرح القرطبية ذكرهما القلشاني في شرح الرسالة انتهى. ومجهول الجلاب هو للشار مساحي وصرح باسمه في شرح الوغليسية. ثم قال في شرح الرسالة وفي شرح العمدة للفاكهاني: قال النووي: الجمهور على أن إدارة الماء في الفم لا تلزم. وسمعت بعض شيوخنا يقول: إذا قال أهل الخلاف الكبير الجمهور فإنهم يعنون به مالكا والشافعي وأبا حنيفة، فلعل هذا منه فانظره انتهى. وقال في شرح القرطبية بعد أن ذكر كلام النووي: وظاهر ما نقلناه عن التلقين لزومه انتهى.
قلت: وكأنه لم يقف على كلام الفاكهاني في شرح الرسالة وما ذكرناه عن الزاهي، فتحصل من هذا أن الظاهر من كلام أهل المذهب اشتراط الخضخضة كما قاله الفاكهاني، وليس ثم ما يعارضه إلا ما نقله النووي وليس فيه تصريح بنسبة ذلك إلى مذهبنا. وفي ابتلاع الماء قولان، يظهر من كلام ابن الفاكهاني ترجيح عدم الاكتفاء بذلك، وذكر الشيخ زروق في شرح الوغليسية عن شيخه القوري أنه كان يأخذ عدم اشتراط المج من قول المازري: رأيت شيخنا يتوضأ بصحن المسجد فلعله كان يبتلع المضمضة حتى سمعته منه انتهى. وإذا قلنا إن الظاهر إجزاء الابتلاع فكذلك يكون الظاهر من القولين في إرسال الماء دون رفع الاجزاء والله أعلم.
فرع: قال في المدخل: ولا يصوت بمج الماء من المضمضة حين الوضوء فإنه بدعة ومكروه ذكره في فصل آداب الاكل. وأما الاستنشاق فهو مأخوذ من التنشق وهو الشم يقول:
استنشقت الشئ إذا شممته. وهو في الشرع جذب الماء بالنفس. وما ذكره المصنف من أن المضمضة والاستنشاق سنة قال في التوضيح: هو المعروف. وذكر المازري أن بعض المتأخرين ذهب إلى أنهما فضيلة انتهى.
قلت: ورأيت في بعض كتب الحنفية أنهما واجبان عند مالك في الوضوء والغسل، وهذا ليس بمعروف في المذهب. ص: (وبالغ مفطر) ش: يعني أن المتوضئ يبالغ في المضمضة والاستنشاق إذا كان غير صائم. قال في الذخيرة: يستحب المبالغة فيهما ما لم يكن صائما انتهى. وقال الشيخ زروق في شرح القرطبية: يستحب للمتوضئ المبالغة برد الماء إلى الغلصمة إلا أن يكون صائما فيكره له ذلك خوفا مما يصل إلى حلقه منه، فإن وقع وسبقه لزمه القضاء، وإن تعمد كفر انتهى. ثم قال: والمبالغة في الاستنشاق كالمبالغة في المضمضة بل هي الأصل لحديث: وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما وحكم المبالغة في الصوم فيهما الكراهة انتهى. والحديث رواه الترمذي والنسائي. وقال ابن فرحون: المبالغة في المضمضة إدارة الماء في أقاصي الفم ولا يجعله وجورا، والمبالغة في الاستنشاق اجتذاب الماء بالنفس إلى أقصى الانف
(٣٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 349 350 351 352 353 354 355 356 357 358 359 ... » »»
الفهرست