مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٣٦٣
الخامس: استشكل ابن رشد في المقدمات والتونسي قول ابن القاسم، لأنه لا يتخلص بما يأتي من التنكيس كما تقدم. فمن بدأ بغسل ذراعيه أو بمسح رأسه قبل غسل وجهه أنه يعيد ما قدمه فقط وهو غسل الذراعين أو مسح الرأس، وإذا فعل ذلك فقد وقع غسل ذراعيه بعد مسح رأسه وغسل رجليه في الصورة الأولى، ووقع مسح رأسه بعد غسل رجليه في الصورة الثانية.
قال في المقدمات: والجاري على أصل ابن القاسم في تفرقة الوضوء ناسيا أن لا شئ عليه في تنكيسه ناسيا إذا فرق وضوءه. قال: ووجه قوله أن ما قدمه فوضعه في غير موضعه يصير بمنزلة ما نسيه فذكره بعد البعد فيفعله وحده ولا يعيد ما بعده، لكن يلزمه على هذا إذا نكس وضوءه إعادة الوضوء والصلاة، وهو خلاف ما في المدونة انتهى بالمعنى، ونقله في التوضيح بلفظه. واعترض بأنه لو جعله كالمنسي للزم أن يعيد الوضوء في العمد ولم يقل به انتهى.
قلت: قد يقال لا يلزم ذلك لان المنكس مشبه بالمنسي ولا يلزم أن يتنزل منزلته من كل الوجوه فتأمله. وذكر في التوضيح جوابا ثانيا عن الاستشكال المذكور، وهو أن إعادة المقدم إنما هي لحصول الترتيب بينه وبين ما قدم عليه بإعادة الذراعين في الصورة الأولى إنما هي ليحصل الترتيب بين الذراعين والوجه لان التنكيس، إنما وقع بينهما لا بين الذراعين ومسح الرأس لحصول ذلك أولا. وعزا ابن عرفة هذا الجواب لبعض الأندلسيين قال: ورده المازري بأنه يلزم مثل ذلك في القرب، وذكر الاعتراض في التوضيح عن ابن هارون ولم يعزه.
قلت: قد يقال: إنه لا يلزم ما ذكره المازري لأنه إنما أمر بإعادة المنكس وما بعده بحضرة الماء ليأتي بالوضوء على الوجه الأكمل من مراعاة الموالاة والترتيب فيخرج بذلك من الخلاف ومع البعد لا بد من دخول الخلاف فيه لحصول الخلل في الموالاة والترتيب فتأمله والله تعالى أعلم.
السادس: استشكل ابن رشد في المقدمات أيضا قول ابن حبيب يعيد المنكس وما بعده وقال: فيه نظر، لأنه إذا فعل ذلك ولم يعد الوضوء " من أوله فقد حصل وضوؤه مفرقا.
ومن قول ابن حبيب إن من فرق وضوءه ناسيا ومتعمدا أعاد الوضوء والصلاة في الوقت وبعده انتهى. وذكره ابن عرفة وقال بعده: ويجاب بحصول الموالاة أولا انتهى فتأمله.
السابع: إذا قلنا إن الترتيب واجب فنكس وضوءه، فحكى في التوضيح عن الجواهر أنه اختلف فيه هل يبتدئ الوضوء أم لا. ص: (ومن ترك فرضا أتى به وبالصلاة وسنة فعلها لما يستقبل) ش: يعني أن من ترك فرضا من فرائض الوضوء ناسيا له فإنه يأتي بذلك الفرض الذي
(٣٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 358 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 ... » »»
الفهرست