مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٣٤٧
كماله فالذي جزم به ابن جماعة التونسي أن رفض الوضوء بعد كماله لا يؤثر ولم يحك في ذلك خلافا. وحكى اللخمي في الكلام على نواقض الوضوء الخلاف في ذلك وفي الصلاة والصوم، وكذلك ذكره القرافي في نواقض الوضوء. وحكى ابن ناجي في شرح المدونة الخلاف أيضا في ذلك، لكنه قال: الفتوى أنه لا يضر، ورجح صاحب الطراز أن الرفض لا يؤثر بعد الفراغ من العبادة. وكذلك قال اللخمي: إنه القياس. قال ابن الحاجب: وفي تأثير رفضها بعد الوضوء روايتان. قال في التوضيح: هذا الخلاف جار في الوضوء والصلاة والصوم والحج.
وذكر القرافي عن العبدي أنه قال: المشهور في الوضوء والحج عدم الرفض عكس الصلاة والصوم. ومقتضى كلامه أن الخلاف جار بعد الفراغ من الفعل فإنه قال: رفض النية من المشكلات لا سيما بعد كمال العبادة كما نقله العبدي فذكر الكلام السابق ثم قال: والقاعدة العقلية أن رفع الواقع محال انتهى. وقد أشرنا إلى الفرق بين هذه الأربعة في باب الصلاة فانظره. ابن عبد السلام: وكان بعض من لقيته من الشيوخ ينكر إطلاق الخلاف في ذلك ويقول: إن العبادة المشترط فيها النية إما أن تنقضي حسا وحكما كالصلاة والصوم بعد خروج وقتهما، أو لا تنقضي حسا وحكما كما في حال التلبس بها، أو تنقضي حسا دون الحكم كالوضوء بعد الفراغ منه فإنه وإن انقضى حسا لكن حكمه وهو رفع الحدث باق، فالأول لا خلاف في عدم تأثير الرفض فيه، والثاني لا خلاف في تأثيره فيه، ومحل الخلاف هو الثالث وهو أحسن من جهة الفقه لو ساعدت الأنقال انتهى. وقد نص صاحب النكت في باب الصوم على خلافه، فإنه نص على أنه لو رفض الوضوء وهو لم يكمله أن رفضه لا يؤثر إذا أكمل وضوءه بالقرب. قال: وكذلك الحج إذا رفض بعد الاحرام ثم قال: فلا شئ عليه. قال: وأما إن كان في حيز الأفعال التي تجب عليه نوى الرفض وفعلها بغير نية كالطواف ونحوه، فهذا رفض يعد كالتارك لذلك انتهى كلام التوضيح، وكلامه الذي أشار إليه في كتاب الصلاة هو ما نصه.
فإن قلت: ما الفرق على المشهور بين الصلاة والصوم والحج والوضوء؟ قيل: لما كان الوضوء معقول المعنى بدليل أن الحنفية لم توجب فيه النية، والحج محتو على أعمال مالية وبدنية لم يتأكد طلب النية فيهما فرفض النية فيهما رفض لما هو غير متأكد، وذلك مناسب لعدم اعتبار الرفض، ولان الحج لما كان عبادة شاقة ويتمادى في فاسده ناسب أن يقال بعدم تأثير الرفض دفعا للمشقة الحاصلة على تقدير رفضه والله تعالى أعلم انتهى.
قلت: كلامه رحمه الله تعالى يقتضي أن الخلاف جار في كل من الوضوء والصلاة والصوم والحج، وأنه جار في الرفض قبل كمال العبادة وبعد كمالها، وبذلك صرح القرافي في كتاب الأمنية في إدراك النية، ونقله عن العبدي وصرح بذلك أيضا في الفرق السادس والستين وهو مشكل، فإن الاحرام سواء كان بحج أو عمرة أو بهما أو بإطلاق لا يرتفض، ولو رفضه في أثنائه ولم أر في ذلك خلافا قابل قال سند في كتاب الحج: مذهب الكافة أن لا يرتفض وهو
(٣٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 342 343 344 345 346 347 348 349 350 351 352 ... » »»
الفهرست