والقابسي أيضا فيكون له قولان: معروفهما الثاني على ما قاله عبد الحق. وقال في التوضيح في الكلام على نجاسة المني: إن القول الثاني مذهب الجمهور، وقاله ابن عبد السلام أيضا، وما عزاه لابن رشد أنظره في سماع موسى والله أعلم. قال الشارح في الكبير: ومثل هذا ما إذا استجمر بالأحجار ثم عرق المحل فإنه لا يضر الثياب ويعفى عنه لأنه أثر معفو وهو الأصح، وقيل: لا يعفى عنه.
قلت: ما ذكر من العفو صحيح. وذكره ابن الحاجب وغيره وقد تقدم ذكره في المعفوات فيما إذا اتصل بالمعفو مائع وليس هو من هذا الباب لأن النجاسة هنا باقية والمحل الذي تصيبه نجس لكنه معفو عنه فتأمله والله تعالى أعلم. ص: (وإن شك في إصابتها الثوب وجب نضحه) ش: لما تكلم على حكم ما إذا تحقق النجاسة وتحقق إصابتها، أتبع ذلك بالكلام على ما إذا شك في ذلك وهو على ثلاثة أوجه: الأول: أن يشك في الإصابة أي هل أصابته النجاسة أم لا؟ والثاني: أن يتحقق الإصابة ويشك في المصيب هل هو نجس أم لا؟ والثالث: أن يشك فيهما أي في الإصابة وفي نجاسة المصيب. وذكر الباجي رحمه الله تعالى من أقسام الشك قسما آخر وهو إذا تحقق إصابة النجاسة وشك في الإزالة قال: ولا خلاف في وجوب الغسل لأن النجاسة متيقنة فلا يرتفع حكمها إلا بيقين، وبدأ المصنف بالكلام على الوجه الأول. والضمير في إصابتها للنجاسة يعني أن المكلف إذا تحقق نجاسة شئ وشك هل أصاب ذلك الشئ النجس ثوبه أو لم يصبه، فإنه يجب عليه أن ينضحه، وسيأتي تفسير النصح. قال في التوضيح: وهذا القسم متفق فيه على النضح. وقال ابن بشير: يلزم النضح فيه بلا خلاف.
قلت: حكى ابن رشد في رسم البز من سماع ابن القاسم ابن لبابة ذهب إلى غسل ما شك فيه من الأبدان والثياب ولم ير النضح إلا مع الغسل في الموضع الذي ورد فيه الحديث يعني قوله: اغسل ذكرك وأنثييك وانضح. وحكى ذلك عن ابن نافع قال ابن رشد: وهو خروج عن المذهب، ولعل ابن بشير لم يعتبره ولهذا جزم بنفي الخلاف إلا أن قوله: يلزم النضح بلا خلاف يقتضي وجوب النضح من غير خلاف. وقد قال سند: اختلف في النضح، هل هو واجب أو مستحب؟ قال عبد الوهاب: مستحب لأنه لا يزيل شيئا. وظاهر المذهب أنه واجب فتحصل في ذلك ثلاثة أقوال: وجوب النضح واستحبابه ووجوب الغسل. وعلى الأول مشى المصنف لقول سند: إنه ظاهر المذهب. وكذا قال صاحب اللباب: إنه ظاهر المذهب، ودليله أمره عليه الصلاة والسلام في حديث الصحيحين بنضح الحصير الذي اسود من طول ما لبث،