سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم دلالات منها أن للولي شركا في بضع المرأة ولا يتم النكاح إلا به ما لم يعضلها ثم لا نجد لشركه في بضعها معنى تملكه وهو معنى فضل نظر بحياطة الموضع أن ينال المرأة من لا يساويها وعلى هذا المعنى اعتمد من ذهب إلى الأكفاء والله أعلم ويحتمل أن تدعوا المرأة الشهوة إلى أن تصير إلى ما لا يجوز من النكاح فيكون الولي أبرأ لها من ذلك فيها وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم البيان من أن العقدة إذا وقعت بغير ولى فهي منفسخة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (فنكاحها باطل) والباطل لا يكون حقا إلا بتجديد نكاح غيره ولا يجوز لو أجازه الولي أبدا لأنه إذا انعقد النكاح باطلا لم يكن حقا إلا بان يعقد عقدا جديدا غير باطل وفي السنة دلالة على أن الإصابة إذا كانت بالشبهة ففيها المهر ودرئ الحد لأنه لم يذكر حدا وفيها أن على الولي أن يزوج إذا رضيت المرأة وكان البعل رضا فإذا منع ما عليه زوج السلطان كما يعطى السلطان ويأخذ ما منع مما عليه (قال الشافعي) أخبرنا مالك عن عبد الله ابن الفضل عن نافع عن جبير بن مطعم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها) (قال الشافعي) ففي هذا الحديث دلالة على الفرق بين البكر والثيب في أمرين أحدهما ما يكون فيه إذنهما وهو أن إذن البكر الصمت فإذا كان إذنها الصمت فإذن التي تخالفها الكلام لأنه خلاف الصمت وهي الثيب والثاني أن أمرهما في ولاية أنفسهما لأنفسهما مختلف فولاية الثيب أنها أحق من الولي والولي ههنا الأب والله أعلم دون الأولياء ومثل هذا حديث خنساء بنت خذام حين زوجها أبوها ثيبا وهي كارهة فرد النبي صلى الله عليه وسلم نكاحه والبكر مخالفة لها حين اختلف في أصل لفظ النبي صلى الله عليه وسلم فإذا خالفتها كان الأب أحق بأمرها من نفسها فإن قال قائل ما دل على ذلك؟ قيل اللفظ بالحديث يدل على فرق بينهما إذ قال الثيب أحق بنفسها وأمر في البكر أن تستأذن ولو كانتا معا سواء كان اللفظ هما أحق بأنفسهما وإذن البكر الصمت وإذن الثيب الكلام فإن قال قائل فقد أمر باستئمارها فاستئمارها يحتمل أن لا يكون للأب تزويجها إلا بأمرها ويحتمل أن تستأمر معنى استطابة نفسها وأن تطلع من نفسها على أمر لو أطلعته لأب كان شبيها أن ينزهها بأن لا يزوجها فإن قال قائل فلم قلت يجوز نكاحها وإن لم يستأمرها؟ قيل له بما وصفت من الاستدلال بفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين البكر والثيب إذ قال (الأيم أحق بنفسها من وليها) ثم قال (والبكر تستأذن في نفسها) فلا يجوز عندي إلا أن يفرق حالهما في أنفسهما ولا يفرق حالهما في أنفسهما إلا بما قلت من أن للأب على البكر ما ليس له على الثيب كما استدللنا إذ قال في البكر (وإذنها صماتها) ولم يقل في الثيب (إذنها الكلام) على أن إذن الثيب خلاف البكر ولا يكون خلاف الصمت إلا النطق بالاذن قال فهل على ما وصفت من دلالة؟ قيل نعم أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابنة سبع وبنى بي وأنا بنت تسع سنين (قال الشافعي) زوجه إياها أبوها فدل ذلك على أن أبا البكر أحق بإنكاحها من نفسها لأن ابنة سبع سنين وتسع لا أمر لها في نفسها وليس لأحد غير الآباء أن يزوجوا بكرا حتى تبلغ ويكون لها أمر في نفسها فإن قال قائل فلم لا تقول في ولى غير الأب له أن يزوج البكر وإن لم تأذن وجعلتها فيمن بقي من الأولياء بمنزلة الثيب؟ قلت فإن الولي الأب الكامل بالولاية كالأم الوالدة وإنما تصير الولاية بعد الأب لغيره بمعنى فقده أو إخراجه نفسه من الولاية بالعضل كما تصير الام غير الام كالوالدة بمعنى رضاع أو نكاح أب أو ما يقع عليه اسم الام لأنها إذا قيل أم كانت الام التي تعرف الوالدة ألا ترى أن لا ولاية
(١٧٩)