من القول أو البينة أو الاعتراف أو الحجة ودل أن عليهم أن ينتهوا إلى ما انتهى بهم إليه كما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المتلاعنين إلى ما انتهى به إليه ولم يحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم في حكم الله وأمضاه على الملاعنة بما ظهر له من صدق زوجها عليها بالاستدلال بالولد أن يحدها حد الزانية فمن بعده من الحكام أولى أن لا يحدث في شئ لله في حكم ولا لرسوله صلى الله عليه وسلم غير ما حكما به بعينه أو ما كان في معناه وواجب على الحكام والمفتين أن لا يقولا إلا من وجه لزم من كتاب الله أو سنة أو إجماع فإن لم يكن في واحد من هذه المنازل اجتهدوا عليه حتى يقولوا مثل معناه ولا يكون لهم والله أعلم أن يحدثوا حكما ليس في واحد من هذا ولا في مثل معناه ولما حكم الله على الزوج يرمى المرأة باللعان ولم يستثن إن سمى من يرميها به أو لم يسمه ورمى العجلاني امرأته برجل بعينه فالتعن ولم يحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم المرمى بالمرأة والتعن العجلاني استدللنا على أن الزوج إذا التعن لم يكن للرجل الذي رماه بامرأته عليه حد ولو كان أخذه له رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعث إلى المرمى فسأله فإن أقر حد وإن أنكر حد له الزوج (قال الشافعي) رحمه الله تعالى ولا للامام إذا رمى رجل رجلا بزنا أوحد أن يبعث إليه ويسأله عن ذلك لأن الله عز وجل يقول (ولا تجسسوا) (قال) وإن شبه على أحد أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أنيسا إلى امرأة رجل فقال (إن اعترفت فارجمها) فتلك امرأة ذكر أبو الزاني بها أنها زنت فكان يلزمه أن يسأل فإن أقرت حدت وسقط الحد عمن قذفها وإن أنكرت حد قاذفها وكذلك لو كان قاذفها زوجها لزمه الحد إن لم تقر وسقط عنه إن أقرت ولزمها فلا يجوز والله أعلم أن يحد رجل لامرأة ولعلها تقرب ما قال ولا يترك الامام الحد لها وقد سمع قذفها حتى تكون تتركه فلما كان القاذف لامرأته إذا التعن لو جاء المقذوف بعينه يطلب حده لم يؤخذ له الحد في القذف الذي يطلبه المقذوف بعينه لم يكن لمسألة المقذوف معنى إلا أن يسأل ليحد ولم يسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما سأل المقذوفة والله أعلم للحد الذي يقع لها إن لم تقر بالزنا، ولم يلتعن الزوج ولو أقرت بالزنا لم يحد زوجها ولم يلتعن وجلدت أو رجمت وإن رجعت لم تحد لأن لها فيما أقرت به من حد الله عز وجل الرجوع ولم يحد زوجها لأنها مقرة بالزنا ولما حكى سهل بن سعد شهود المتلاعنين مع حداثته وحكاه ابن عمر استدللنا على أن اللعان لا يكون إلا بمحضر طائفة من المؤمنين لأنه لا يحضر أمرا يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ستره ولا يحصره إلا وغيره حاضر له وكذلك جميع حدود الزنا يشهدها طائفة من المؤمنين أقلهم أربعة لأنه لا يجوز في شهادة الزنا أقل منهم وهذا يشبه قول الله عز وجل في الزانيين (وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين) وقال سهل بن سعد في حديثه فطلقها ثلاثا قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ابن أبي ذئب وابن جريج في حديث سهل وكانت سنة المتلاعنين وقال ابن شهاب في حديث مالك وإبراهيم بن سعد فكانت سنة المتلاعنين فاحتمل معنيين أحدهما أنه إن كان طلقها قبل الحكم فكان ذلك إليه لم يكن اللعان فرقة حتى يجددها الزوج ولم يجبر الزوج عليها، وقد روى عن سعيد بن المسيب مثل معنى هذا القول ولو كان هذا هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعيب على المطلق ثلاثا أن يطلقها لأنه لو لم يكن له أن يطلقها إلا واحدة قال لا تفعل مثل هذا والله أعلم فسئل وإذ لم ينهه النبي صلى الله عليه وسلم عن الطلاق ثلاثا بين يديه فلو كان طلاقه إياها كصمته عن النبي صلى الله عليه وسلم وكان اللعان فرقة فجهله المطلق ثلاثا أشبه والله أعلم أن يعلمه أنه ليس له أن يطلق ثلاثا في الموضع الذي ليس له فيه الطلاق ويحتمل طلاقه ثلاثا أن يكون بما وجد في نفسه بعلمه بصدقه وكذبها وجراءتها على اليمين طلقها ثلاثا جاهلا بأن اللعان فرقة فكان
(١٣٨)