المطلقات مرسلات لم يخصص واحدة دون الأخرى وإن كان كما تقول ففيه دلالة على أن لا نفقة لمطلقة وإن كان زوجها يملك الرجعة وما مبتدأ السورة إلا على المطلقة للعدة قلت له: قد يطلق للعدة ثلاثا قال فلو كان كما تقول ما كانت الدلالة على أنه أراد بمنع النفقة المبتوتة دون التي له رجعة عليها قلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم تثبت أن الممنوعة النفقة المبتوتة بجميع الطلاق دون التي لزوجها عليها الرجعة ولو لم تدل السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك فكانت الآية تأمر بنفقة الحامل وقد ذكر المطلقات فيها دلت على أن النفقة للمطلقة الحامل دون المطلقات سواها فلم يجز أن ينفق على مطلقة إلا أن يجمع الناس على مطلقة تخالف الحامل إلى غيرها من المطلقات فينفق عليها بالاجماع دون غيرها قال فلم لا تكون المبتوتة قياسا عليها؟ قلت أرأيت التي يملك زوجها رجعتها في عدتها أليس يملك عليها أمرها إن شاء ويقع عليها إيلاؤه وظهاره ولعانه ويتوارثان قال بلى قلت أفهذه في معاني الأزواج في أكثر أمرها؟ قال نعم قلت أفتجد كذلك المبتوتة بجميع طلاقها؟ قال لا قلت فكيف تقيس مطلقة بالتي تخالفها؟ وقلت له أخبرنا مالك عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن فاطمة بنت قيس أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب بالشام فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته فقال والله مالك علينا من شئ فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال لها ليس لك عليه نفقة وأمرها أن تعتد في بيت أم شريك ثم قال تلك امرأة يغشاها أصحابي فاعتدى عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك فإذا حللت فآذنيني قالت فلما حللت ذكرت له أن معاوية وأبا جهم خطباني فقال أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه وأما معاوية فصعلوك لا مال له انكحي أسامة بن زيد) قالت فكرهته ثم قال (انكحي أسامة) فنكحته فجعل الله فيه خيرا فاغتبطت به قال فإنكم تركتم من حديث فاطمة شيئا قالت فقال النبي صلى الله عليه وسلم (لا سكنى لك ولا نفقة) فقلت له ما تركنا من حديث فاطمة حرفا قال إنما حدثنا عنها أنها قالت قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا سكنى لك ولا نفقة) فقلت لكنا لم نحدث هذا عنها ولو كان ما حدثتم عنها كما حدثتم كان على ما قلنا وعلى خلاف ما قلتم قال وكيف؟ قلت أما حديثنا فصحيح على وجهه أن النبي صلى الله عليه وسلم (لا نفقة لك عليهم) وأمرها أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم ولو كان في حديثها إحلاله لها أن تعتد حيث شاءت لم يحظر عليها أن تعتد حيث شاءت قال كيف أخرجها من بيت زوجها وأمرها ان تعتد في غيرها؟ قلت لعلة لم تذكرها فاطمة في الحديث كأنها استحيت من ذكرها وقد ذكرها غيرها قال وما هي؟ قلت كان في لسانها ذرب فاستطالت على أحمائها استطالة تفاحشت فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم ان تعتد في بيت ابن أم مكتوم فقال هل من دليل على ما قلت قلت نعم من الكتاب والخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيره من أهل العلم بها قال فاذكرها قلت قال الله تبارك وتعالى (لا تخرجوهن من بيوتهن) الآية وأخبرنا عبد العزيز بن محمد عن محمد بن عمرو بن علقمة عن محمد بن إبراهيم بن الحرث عن ابن عباس في قوله تعالى (إلا أن يأتين بفاحشة مبينة) قال إن تبذو على أهل زوجها فإن بذت فقد حل إخراجها قال هذا تأويل قد يحتمل ما قال ابن عباس ويحتمل غيره أن تكون الفاحشة خروجها وأن تكون الفاحشة أن تخرج للحد قال فقلت له فإذا احتملت الآية ما وصفت فأي المعاني أولى بها؟ قال معنى ما وافقته السنة فقلت فقد ذكرت لك السنة في فاطمة فأوجدتك ما قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ان تعتد في بيت ابن أم مكتوم.
(١١٧)