حتى يعطى المغصوب قيمة سلعته؟ قال بلى فقيل له إذا كانت السنة تبيح لمن له الحق أن يأخذ حقه دون السلطان كما كان للسلطان أن يأخذه لو ثبت عنده فكيف لا يكون للمرء إذا لم يجد حقه أن يبيع في مال من له عليه الحق حتى يأخذ حقه؟ قال للسلطان أن يبيع وليس لهذا أن يبيع قلنا ومن قال ليس له أن يبيع؟ أرأيت إذا قيل لك ولا له أن يأخذ مال غيره إلا بإذن السلطان ما حجتك؟ أو رأيت السلطان لو باع لرجل من مال رجل والرجل يعلم أن لا حق على المبيع عليه أيحل له أن يأخذ ما باع له السلطان؟ قال لا قلنا فنراك إنما تجعل أن يأخذ بعلمه لا بالسلطان وما للسلطان في هذا معنى أكثر من أن يكون كالمفتي يخبر بالحق لبعض الناس على بعض ويجبر من امتنع من الحق على تأديته وما يحل السلطان شيئا ولا يحرمه ما الحلال وما الحرام إلا على ما يعلم الناس فيما بينهم قال أجل قلنا فلم جمعت بين الرجل يكون له الحق فيأخذ حقه دون السلطان ويكره الذي عليه الحق وجعلته أمين نفسه فيه وفرقت بينه وبين السلطان في البيع من مال الذي عليه الحق أقلت هذا خيرا أم قياسا؟ قال قال أصحابنا يقبح أن يبيع مال غيره قلت ليس في هذا شئ لو قبح إلا وقد شركت فيه بأنك تجعله يأخذ مثل عين ماله وذلك قيمته والقيمة بيع وتخالف معنى السنة في هذا الموضع وتجامعها في موضع غيره قال هكذا أصحابنا قلت فترضى من غيرك بمثل هذا فيقول لك من خالفك هكذا قال أصحابنا؟ قال ليس له في هذا حجة قلنا ولا لك أيضا فيه حجة فقال إنه يقال إن النبي صلى الله عليه وسلم قال (أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك) فما معنى هذا؟ قلنا ليس هذا بثابت عن أهل الحديث منكم ولو كان ثابتا لم يكن فيه حجة علينا ولو كانت كانت عليك معنا قال وكيف؟ قلت قال الله عز وجل (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) فتأدية الأمانة فرض والخيانة محرمة وليس من أخذ حقه بخائن قال أفلا تراه إذا أغصب دنانير فباع ثيابا بدنانير فقد خان لأن الثياب غير الدنانير؟ قلت إن الحقوق تؤخذ بوجوه منها أن يوجد الشئ المغصوب بعينه فيؤخذ فإن لم يكن فمثله فإن لم يكن بيع على الغاصب فأخذ منه مثل ما غصب بقيمته ولو كان إذا خان دنانير فبيعت عليه جارية بدنانير فدفعت إلى المغصوب كان ذلك خيانة لم يحل للسلطان أن يجوز ولا يكاثر على ما يعلم أنه لا يحل له وكان على السلطان إن وجد له دنانيره بعينها أعطاه إياها وإلا لم يعطه دنانير غيرها لأنها ليست بالذي غصب ولا يبيع له جارية فيعطيه قيمتها وصاحب الجارية لا يرضى قال أفرأيت لو كان ثابتا ما معناه؟
قلنا إذا دلت السنة واجتماع كثير من أهل العلم على أن يأخذ الرجل حقة لنفسه سرا من الذي هو عليه فقد دل ذلك أن ليس بخيانة أخذ ما لا يحل أخذه فلو خانني درهما قلت قد استحل خيانتي لم يكن لي ان آخذ منه عشرة دراهم مكافأة بخيانته لي وكان له أن آخذ درهما ولا أكون بهذا خائنا ولا ظالما كما كنت خائنا ظالما بأخذ تسعة مع درهم لأنه لم يخنها (قال الشافعي) ولا تعدو الخيانة المحرمة أن تكون كما وصفنا من أن يأخذ من مال الرجل بغير أمره وهذا خلاف السنة فإن كان هذا هكذا فقد أمروا رجلا ان يأخذ حقه والبدل من حقه بغير أمر من أخذ منه سرا ومكابرة (قال الشافعي) وخالفنا أيضا في النفقة فقال إذا مات الأب أنفق على الصغير كل ذي رحم يحرم عليه نكاحه من رجل أو امرأة قلت له فما حجتك في هذا؟ قال قول الله تبارك وتعالى (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن)) إلى قوله (وعلى الوارث مثل ذلك) (قال الشافعي) قلت له أكان على الوارث مثل ذلك عندك على جميع ما فرض الله تبارك وتعالى على الأب والوارث يقوم في