ونصف عبد ونصف سيف اشتريته منك بثمن معلوم؟ قال جائز قلت وليس على دفع الثمن حتى تدفع إلى ما اشتريت فأقبضه؟ قال نعم قلت فإني لما اشتريت أردت نقض البيع فقلت باعني نصف دار مشاعا لا أدرى أشرقي الدار يقع أم غربيها ونصف عبد لا ينفصل أبدا ولا ينقسم وأنت لا تجيزني على قسمه لأن فيه ضررا فأنا أفسخ البيع بيني وبينك قال ليس ذلك لك وقبض نصف الدار ونصف الأرض ونصف العبد ونصف السيف أن يسلمه ولا يكون دونه حائل قلت أنت لا تجيز البيع إلا معلوما وهذا غير معلوم قال هو وإن لم يكن معلوما بعينه منفصلا فالكل معلوم ونصيبك من الكل محسوب قلت وإن كان محسوبا فإني لا أدري أين يقع قال أنت شريك في الكل قلت فهو غير مقبوض لأنه ليس بمنفصل وأنت تقول فيما ليس بمنفصل لا يكون مقبوضا فيبطل به الرهن وتقول القبض أن يكون منفصلا قال قد يكون منفصلا وغير منفصل قلت وكيف يكون مقبوضا وهو غير منفصل؟ قال لأن الكل معلوم وإذا كان الكل معلوما فالبعض بالحساب معلوم قلت فقد تركت قولك الأول وتركت قولك الثاني فلم إذا كان هذا كما وصفت يجوز البيع فيه والبيع لا يجوز إلا معلوما فجعلته معلوما ويتم بالقبض لأن البيع عندك لا يتم حتى يقضى على صاحبه بدفع الثمن إلا مقبوضا فكان هذا عندك قبضا زعمت أنه في الرهن غير قبض فلا يعدو أن تكون أخطأت بقولك لا يكون في الرهن قبضا أو بقولك يكون في البيع قبضا (قال الشافعي) فالقبض اسم جامع وهو يقع بمعان مختلفة كيف ما كان الشئ معلوما أو كان الكل معلوما والشئ من الكل جزء معلوم من أجزاء وسلم حتى لا يكون دونه حائل فهو قبض فقبض الذهب والفضة والثياب في مجلس الرجل والأرض أن يؤتى في مكانها فتسلم لا تحويها يد ولا يحيط بها جدار والقبض في كثير من الدور والأرضين إسلافها بأعلافها والعبيد تسليمهم بحضرة القابض والمشاع من كل أرض وغيرها أن لا يكون دونه حائل فهذا كله قبض مختلف يجمعه اسم القبض وإن تفرق الفعل فيه غير أنه يجمعه أن يكون مجموع العين والكل جزء من الكل معروف ولا حائل دونه فإذا كان هكذا فهو مقبوض والذي يكون في البيع قبضا يكون في الرهن قبضا لا يختلف ذلك (قال الشافعي) ولم أسمع أحدا عندنا مخالفا فيما قلت من أنه يجوز فيه الرهن والذي يخالف لا يحتج فيه بمتقدم من أثر فيلزم اتباعه وليس بقياس ولا معقول فيغيبون في الاتباع الذي يلزمهم أن يفرقوا بين الشيئين إذا فرقت بينهما الآثار حتى يفارقوا الآثار في بعض ذلك لأن يجزئوا الأشياء زعموا على مثال ثم تأتى أشياء ليس فيها أثر فيفرقون بينها وهي مجتمعة بآرائهم ونحن وهم نقول في الآثار تتبع كما جاءت وفيما قلت وقلنا بالرأي لا نقبل إلا قياسا صحيحا على أثر (قال الشافعي) وإن تبايع الراهن والمرتهن على شرط الرهن وهو أن يوضع على يدي المرتهن فجائز وإن وضعاه على يدي عدل فجائز وليس لواحد منهما إخراجه من حيث يضعانه إلا باجتماعهما على الرضا بأن يخرجاه (قال الشافعي) فإن خيف الموضوع على يديه فدعا أحدهما إلى إخراجه من يديه فينبغي للحاكم إن كانت تغيرت حاله عما كان عليه من الأمانة حتى يصير غير أمين أن يخرجه ثم يأمرهما أن يتراضيا فإن فعلا وإلا رضى لهما كما يحكم عليهما فيما لم يتراضيا فيه بما لزمهما قال وإن مات الموضوع على يديه الرهن فكذلك يتراضيان أو يرضى لهما القاضي إن أبيا التراضي (قال الشافعي) وإن مات المرتهن والرهن على يديه ولم يرض الراهن وصية ولا وارثه قيل لوارثه - إن كان بالغا أو لوصيه إن لم يكن بالغا -: تراض أنت وصاحب الرهن فإن فعلا وإلا صيره الحاكم إلى عدل وذلك أن الراهن لم يرض بأمانة الوارث ولا الوصي ولما كان للوارث حق في احتباس الرهن حتى يستوفى حقه كان له ما وصفنا من الرضا فيه إذا كان له أمر في ماله (قال الشافعي) وإن مات الراهن
(١٩٥)