أبدا إذا فسدت بعمل آدمي فإن صار العصير خمرا ثم صار خلا من غير صنعة آدمي فهو رهن بحاله ولا أحسبه يعود خمرا ثم يعود خلا بغير صنعة آدمي إلا بأن يكون في الأصل خلا فلا ينظر إلى تصرفه فيما بين أن كان عصيرا إلى أن كان خلا ويكون انقلابه عن الحلاوة والحموضة منزلة انقلب عنها كما أنقلب عن الحلاوة الأولى إلى غيرها ثم يكون حكمه حكم مصيره إذا كان بغير صنعة آدمي ولو تبايعا الراهن والمرتهن على أن يرهنه عصيرا بعينه فرهنه إياه وقبضه ثم صار في يديه خمرا خرج من أن يكون رهنا ولم يكن للبائع أن يفسخ البيع لفساد الرهن كما لو رهنه عبدا فمات لم يكن له أن يفسخه بموت العبد ولو تبايعا على أن يرهنه هذا العصير فرهنه إياه، فإذا هو من ساعته خمر كان له الخيار لأنه لم يتم له الرهن ولو اختلفا في العصير فقال الراهن رهنتكه عصيرا ثم عاد في يديك خمرا، وقال المرتهن بل رهنتنيه خمرا ففيها قولان أحدهما أن القول قول الراهن لأن هذا يحدث كما لو باعه عبدا فوجد به عيبا يحدث مثله فقال المشترى بعتنيه وبه العيب، وقال البائع حدث عندك كان القول قوله مع يمينه ومن قال هذا القول قال يهراق الخمر ولا رهن له والبيع لازم، والقول الثاني أن القول قول المرتهن لأنه لم يقر له أنه قبض منه شيئا يحل ارتهانه بحال لأن الخمر محرم بكل حال وليس هذا كالعيب الذي يحل ملك العبد وهو به والمرتهن بالخيار في أن يكون حقه ثابتا بلا رهن أو يفسخ البيع وإذا رهن الرجل الرجل الرهن على أن ينتفع المرتهن بالرهن إن كانت دارا سكنها أو دابة ركبها فالشرط في الرهن باطل ولو كان اشترى منه على هذا فالبائع بالخيار في فسخ البيع أو إقراره بالرهن ولا شرط له فيه ولا يفسد هذا الرهن إن شاء المرتهن لأنه شرط زيادة مع الرهن بطلت لا الرهن (قال الربيع) وفيها قول آخر أن البيع إذا كان على هذا الشرط فالبيع منتقض بكل حال وهو أصحهما (قال الشافعي) ولا بأس أن يرهن الرجل الرجل الأمة ولها ولد صغير لأن هذا ليس بتفرقة منه.
الرهن الفاسد (قال الشافعي) رحمه الله: والرهن الفاسد أن يرتهن الرجل من الرجل مكاتبه قبل أن يعجز ولو عجز لم يكن على الرهن حتى يجدد له رهنا يقبضه بعد عجزه ولو ارتهن منه أم ولده كان الرهن فاسدا في قول من لا يبيع أم الولد أو يرتهن من الرجل ما لا يحل له بيعه مثل الخمر والميتة والخنزير أو يرتهن منه ما لا يملك فيقول أرهنك هذه الدار التي أنا فيها ساكن ويقبضه إياها، أو هذا العبد الذي هو في يدي عارية أو بإجارة ويقبضه إياه على أني اشتريته ثم يشتريه فلا يكون رهنا ولا يكون شئ رهنا حتى ينعقد الرهن والقبض فيه والراهن مالك لا يجوز بيعه قبل الرهن وبيعه معه ولو عقد الرهن وهو لا يجوز له رهنه ثم أقبضه إياه وهو يجوز رهنه لم يكن رهنا حتى يجتمع الأمران معا، وذلك مثل أن يرهنه الدار وهي رهن ثم ينفسخ الرهن فيها فيقبضه إياها وهي خارجة من الرهن الأول فلا يجوز الرهن فيها حتى يحدث له رهنا يقبضها به وهي خارجة من أن تكون رهنا لرجل أو ملكا لغير الراهن ولا يجوز أن يرهن رجل رجلا ذكر حق له على رجل، قبل ذلك الذي عليه، ذكر الحق أو لم يقبله لأن إذكار الحقوق ليست بعين قائمة للراهن فيرهنها المرتهن وإنما هي شهادة بحق في ذمة الذي عليه الحق فالشهادة ليست ملكا والذمة بعينها ليست ملكا فلا يجوز والله تعالى أعلم أن يجوز الرهن فيها في قول من أجاز بيع الدين