ويجوز رهن الدنانير بالدنانير والدراهم بالدراهم كان الرهن مثلا أو أقل أو أكثر من الحق وليس هذا ببيع (قال الشافعي) وإذا استعار رجل من رجل عبدا يرهنه فرهنه فالرهن جائز إذا تصادقا على ذلك أو قامت به بينة كما يجوز لو رهنه مالك العبد فإن أراد مالك العبد أن يخرجه من الرهن فليس له ذلك إلا أن يدفع الراهن أو مالك العبد متطوعا الحق كله (قال الشافعي) ولمالك الرهن أن يأخذ الراهن بافتكاكه له متى شاء لأنه أعاره له بلا مدة كان ذلك محل الدين أو بعده (قال الشافعي) فإن أعاره إياه فقال: أرهنه إلى سنة ففعل وقال أفتكه قبل السنة ففيها قولان أحدهما أن له أن يأخذه ببيع ماله عليه في ماله حتى يعيده إليه كما أخذه منه ومن حجة من قال هذا أن يقول لو أعرتك عبدي يخدمك سنة كان لي أخذه الساعة ولو أسلفتك ألف درهم إلى سنة كان لي أخذها منك الساعة والقول الآخر أنه ليس له أخذه إلى السنة لأنه قد أذن له أن يصير فيه حقا لغيرهما فهو كالضامن عنه مالا ولا يشبه إذنه برهنه إلى مدة عاريته إياه ولا سلفه له (قال الشافعي) ولو تصادقا على أنه أعاره إياه برهنه وقال أذنت لك في رهنه بألف وقال الراهن والمرتهن أذنت لي بألفين فالقول قول مالك العبد في أنه بألف والألف الثانية على الراهن في ماله للمرتهن (قال الشافعي) ولو استعاره رجلان عبدا من رجل فرهناه من رجل بمائة ثم أتى أحدهما بخمسين فقال هذا ما يلزمني من الحق لم يكن واحد منهما ضامنا عن صاحبه وإن اجتمعا في الرهن فإن نصفه مفكوك ونصفه مرهون (قال الشافعي) وإذا استعار رجل من رجلين عبدا فرهنه بمائة ثم جاء بخمسين فقال هذه فكاك حق فلان من العبد وحق فلان مرهون ففيها قولان أحدهما أنه لا يفك إلا معا، ألا ترى أنه لو رهن عبدا لنفسه بمائة ثم جاء بتسعين فقال فك تسعة أعشاره وأترك العشر مرهونا لم يكن منه شئ مفكوكا وذلك أنه رهن واحد بحق واحد فلا يفك إلا معا والقول الآخر أن الملك لما كان لكل واحد منهما على نصفه جاز أن يفك نصف أحدهما دون نصف الآخر كما لو استعار من رجل عبدا ومن آخر عبدا فرهنهما جاز أن يفك أحدهما دون الآخر والرجلان وإن كان ملكها في واحد لا يتجزأ فأحكامهما في البيع والرهن حكم مالكي العبدين المفترقين (قال الشافعي) ولولى اليتيم أو وصيه أن يرهنا عنه كما يبيعان عليه فيما لابد له منه وللمأذون له في التجارة وللمكاتب والمشترك والمستأمن أن يرهن ولا بأس أن يرهن المسلم عند المشرك والمشرك عند المسلم كل شئ ما خلا المصحف والرقيق من المسلمين فإنا نكره أن يصير المسلم تحت يدي المشرك بسبب يشبه الرق والرهن وإن لم يكن رقا فإن الرقيق لا يمتنع إلا قليلا من الذل لمن صار تحت يديه بتصيير مالكه (قال الشافعي) ولو رهن العبد لم نفسخه ولكنا نكرهه لما وصفنا ولو قال قائل آخذ الراهن بافتكاكه حتى يوفى المرتهن المشرك حقه متطوعا أو يصير في يديه بما يجوز له ارتهانه فإن لم يتراضيا فسخت البيع كان مذهبا فأما ما سواهم فلا بأس برهنه من المشركين فإن رهن المصحف قلنا إن رضيت أن ترد المصحف ويكون حقك عليه فذلك لك أو تتراضيان على ما سوى المصحف مما يجوز أن يكون في يديك وإن لم تتراضيا فسخنا البيع بينكما لأن القرآن أعظم من أن يترك في يدي مشرك يقدر على إخراجه من يديه وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمسه من المسلمين إلا طاهر ونهى أن يسافر به إلى بلاد العدو (أخبرنا) إبراهيم وغيره عن جعفر عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم رهن درعه عند أبي الشحم اليهودي (قال الشافعي) ويوقف على المرتد ماله فإن رهن منه شيئا بعد الوقف فلا يجوز في قول بعض أصحابنا على حال وفى قول بعضهم لا يجوز إلا أن يرجع إلى الاسلام فيملك ماله فيجوز الرهن وإن رهنه قبل وقف ماله فالرهن جائز كما يجوز للمشرك ببلاد الحرب ما صنع في ماله قبل أن
(١٩٧)