أقر لهم في الصحة وكانت لهم بينة فهذا يحتمل القياس ويدخله أنه لو أقر بشئ مما عرف له أنه لأجنبي غصبه إياه أو أودعه أو كان له بوجه لزمه الاقرار ومن قال هذا قاله في كل من وقف ماله وأجاز عليه ما أقر به ما في يديه وغير ذلك في حاله تلك كما يجيزه في الحال قبلها وبه أقول والقول الثاني أنه إن أقر بحق لزمه بوجه من الوجوه في شئ في ذمته أو في شئ مما في يديه جعل إقراره لازما له في مال إن حدث له بعد هذا وأحسن ما يحتج به من قال هذا أن يقول وقفي ماله هذا في حاله هذه لغرمائه كرهنه ماله لهم فيبدءون فيعطون حقوقهم فإن فضل كان لمن أقر له وإن لم يفضل فضل كان مالهم في ذمته ويدخل هذا القول أمر يتفاحش من أنه ليس بقياس على
المريض يوقف ماله ولا على المحجور فيبطل إقراره بكل حال ويدخله أن
الرهن لا يكون إلا معروفا بمعروف ويدخل هذا أنه
مجهول لأن من جاءه من غرمائه أدخله في ماله وما وجد له من مال لا يعرفه ولا غرماؤه أعطاه غرماءه ويدخله أن رجلا لو كان مشهودا عليه بالفقر وكان صائغا أو غسالا مفلسا وفى يده حلى ثمن مال وثياب ثمن مال جعلت الثياب والحلى له حتى يوفى غرماءه حقوقهم ويدخل على من قال هذا أن يزعم هذا في دلالة يوضع على يديها الجواري ثمن ألوف دنانير وهي معروفة أنها لا تملك كبير شئ فتفلس يجعل لها الجواري ويبيعهن عليها ويدخل عليه أن يزعم أن الرجل يملك ما في يديه وإن لم يدعه وليس ينبغي أن يقول هذا أحد فإن ذهب رجل إلى أن يترك بعض هذا ترك القياس واختلف قوله ثم لعله يلزمه لو
بيع عليه عبد فذكر أنه أبق فقال الغرماء أراد كسره لك يقبل قوله فيباع ماله وعليه عهدته ولا يصدق في قوله وهذا القول مدخول كثير الدخل والقول الأول قولي وأسأل الله عز وجل التوفيق والخيرة برحمته (1).
باب ما جاء في هبة المفلس (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وإذا وهب الرجل هبة لرجل على أن يثيبه فقبل الموهوب له وقبض ثم أفلس بعد الهبة قبل أن يثيبه فمن أجاز الهبة على الثواب خير الموهوب له بين أن يثيبه أو يرد عليه هبته إن كانت قائمة بعينها لم تنتقص ثم جعل للواهب الخيار في الثواب فإن أثابه قيمتها أو أضعاف
____________________
(1) وفى اختلاف العراقيين في " باب بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها " وإذا حبس الرجل في الدين وفلسه القاضي فباع في السجن واشترى أو أعتق أو تصدق بصدقة أو وهب هبة فإن أبا حنيفة كان يقول هذا كله جائز ولا يباع شئ من ماله في الدين وليس بعد التفليس شئ ألا ترى أن الرجل قد يفلس اليوم ويصيب غدا مالا وكان ابن أبي ليلى يقول لا يجوز بيعه ولا شراؤه ولا عتقه ولا هبته ولا صدقته بعد التفليس فليبع ماله وليقبضه للغرماء وقال أبو يوسف مثل قول ابن أبي ليلى ما خلا العتاقة في الحجر وليس من قبيل التفليس ولا يجيز شيئا سوى العتاقة من ذلك أبدا حتى يقضى دينه (قال الشافعي) ويجوز بيع الرجل جميع ما أحدث في ماله كان ذا دين أو غير ذي دين وذا وفاء أو غير ذي وفاء حتى يستعدى عليه في الدين فإذا استعدى عليه فثبت عليه شئ أو أقر منه بشئ انبغى للقاضي أن يحجر عليه مكانه ويقول قد حجرت عليه حتى أقضى دينه وفلسته ثم يحصى ماله ويأمره بأن يجتهد في السوم ويأمر من يتسوم به ثم ينفذ القاضي فيه البيع بأعلى ما يقدر عليه فيقضى دينه فإذا لم يبق عليه دين أحضره فأطلق عنه وعاد إلى أن يجوز له في ماله كل ما صنع إلى أن يستعدى عليه في دين غيره. وما استهلك من ماله في الحالة التي حجر فيها عليه ببيع أو هبة أو صدقة أو غير ذلك. فهو مردود.