الحق حالا فشاء أن تكون جنايته قصاصا كانت وإن كان إلى أجل فشاء الراهن أن يجعله قصاصا فعل وإن لم يشأ الراهن أخرج المرتهن قيمة جنايته فكانت موضوعة على يدي العدل الموضوع على يديه الرهن وإن كان الرهن على يدي المرتهن فشاء الراهن أن يخرج الرهن وأرش الجناية من يديه وكانت الجناية عمدا فذلك له لأن الجناية عمدا تغير من حال الموضوع على يديه الرهن وإن كانت خطأ لم يكن له إخراجها من يديه إلا أن يتغير حاله عن حالة الأمانة إلى حال تخالفها وإذا كان العبد مرهونا فجنى عليه فسواء برئ الراهن مما في العبد من الرهن إلا درهما أو أقل وكان في العبد فضل أو لم يبرأ من شئ منه ولم يكن في العبد فضل لأنه إذا كان مرهونا بكله فلا يخرجه من الرهن إلا أن لا يبقى فيه شئ من الرهن وكذلك لا يخرج شيئا من أرش الجناية عليه لأنها كهو وكذلك لو كانوا عبيدا مرهونين معا لا يخرج شئ من الرهن إلا بالبراءة من آخر الحق ولو رهن رجل رجلا نصف عبده ثم جنى عليه الراهن ضمن نصف أرش جنايته للمرتهن كما وصفت وبطل عنه نصف جنايته لأن الجناية على نصفين نصف له لا حق لاحد فيه فلا يلزمه لنفسه غرم ونصف للمرتهن فيه حق فلا يبطل عنه وإن كان مالكه لحق المرتهن فيه ولو جنى عليه أجنبي جناية كان نصفها رهنا ونصفها مسلما لمالك العبد ولو عفا مالك العبد الجناية كلها كان عفوه في نصفها جائزا لأنه مالك لنصفه ولا حق لاحد معه فيه وعفوه في النصف الذي للمرتهن فيه حق مردود ولو عفا المرتهن الجناية دون الراهن كان عفوه باطلا لأنه لا يملك الجناية إنما ملكها للراهن وإنما ملك احتباسها بحقه حتى يستوفيه وسواء كان حق المرتهن حالا أو إلى أجل فإن كان إلى أجل فقال أنا أجعل الجناية قصاصا من حقي لم يكن ذلك له لأن حقه غير حال وإن كان حالا كان ذلك له إن كان حقه دنانير وقضى بالجناية دنانير أو دراهم فقضى بالجناية دراهم لأن ما وجب لسيد العبد مثل ما للمرتهن وإن قضى بأرش الجناية دراهم والحق على الغريم دنانير فقال أجعل الجناية قصاصا من حقي لم يكن ذلك له لأن الجناية غير حقه وكذلك لو قضى بالجناية دراهم وحقه دنانير أو دنانير وله دراهم لم يكن له أن يجعل الجناية قصاصا من حقه لأن أرش الجناية غير حقه وإنما يكون قصاصا ما كان مثلا فأما ما لم يكن مثلا فلا يكون قصاصا ولو كان حقه أكثر من قيمة أرش الجناية إذا لم أكره أحدا على أن يبيع ماله بأكثر من قيمته لم أكره رب العبد أن يأخذ بدنانير طعاما ولا بطعام دنانير وإذا جنى عبد على عبد مرهون فأراد سيد العبد الجاني أن يسلمه مسترقا بالجناية لم يكن ذلك على الراهن إلا أن يشاء وإن يشاء الراهن ذلك ولم يشأه المرتهن لم يجبر على ذلك المرتهن وكذلك لو شاء ذلك المرتهن ولم يشأه الراهن لم يجبر عليه لأن حقهم في رقبته أرش لا رقبة عبد ورقبة العبد عرض وكذلك لو شاء الراهن والمرتهن أن يأخذ العبد الجاني بالجناية والجناية مثل قيمة العبد أو أكثر اضعافا وأبى ذلك رب العبد الجاني لم يكن ذلك لهما لأن الحق في الجناية شئ غير رقبته وإنما تباع رقبته فيصير الحق فيها كما يباع الرهن فيصير ثمنا يقضى منه الغريم حقه.
الرهن الصغير (أخبرنا الربيع بن سليمان) قال أخبرنا الشافعي رحمه الله قال أصل إجازة الرهن في كتاب الله عز وجل " وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كتابا فرهان مقبوضة " (قال الشافعي) فالسنة تدل على إجازة الرهن