كتاب الأم - الإمام الشافعي - ج ٣ - الصفحة ٢٦٣
الجواب فيها كالجواب في الأولى إلا أن المستكري إذا ضمن شيئا رجع به على المكرى لأنه غيره من شئ أخذ عليه عوضا، وإنما لبسه على أن ذلك مباح له بعوض ويكون لرب الثوب أن يأخذ قيمة إجارة ثوبه، قال: وإذا ادعى الرجل قبل الرجل دعوى فسأل أن يحلف له المدعى عليه أحلفه له القاضي، ثم قبل البينة من المدعى فإن ثبتت عليه بينة أخذ له بها وكانت البينة العادلة أولى من اليمين الفاجرة وسواء كانت بينة المدعى المستحلف حضورا بالبلد أو غيبا عنه فلا يعدو هذا واحدا من وجهين إما أن يكون المدعى عليه إذا حلف برئ بكل حال قامت عليه بينة أو لم تقم وإما أن يكون إنما يكون بريئا ما لم تقم عليه بينه فإذا قامت بينة فالحكم عليه أن يؤخذ منه بها وليس لقرب الشهود وبعدهم معنى ولكن الشهود إن لم يعدلوا اكتفى فيه باليمين الأولى ولم تعد عليه يمين، وإنما أحلفناه أولا أن الحكم في المدعى عليه حكمان أحدهما أن لا يكون عليه بينة فيكون القول قوله مع يمينه، أو يكون عليه بينة فيزول هذا الحكم ويكون الحكم عليه أن يؤخذ منه بالبينة العادلة ما كان المدعى يدعى ما شهدت به بينته أو أكثر منه، قال: وإذا غصب الرجل من الرجل قمحا فطحنه دقيقا نظر فإن كانت قيمة الدقيق مثل قيمة الحنطة أو أكثر فلا شئ للغاصب في الزيادة ولا عليه لأنه لم ينقصه شيئا وإن كانت قيمة الدقيق أقل من قيمة الحنطة رجع على الغاصب بفضل ما بين قيمة الدقيق والحنطة ولا شئ للغاصب في الطحن لأنه إنما هو أثر لا عين (1)
____________________
(1) " باب " إذا لقى المالك الغاصب في بلد آخر غير بلد الغصب وكان المغصوب مثليا وليس في التراجم وقد سبق في باب السنة في الخيار ما ينبغي ذكره هنا (قال الشافعي) فيمن استهلك لانسان طعاما فلقيه ببلد آخر فسأل أن يعطى ذلك الطعام في البلد الذي لقيه فيه فليس ذلك عليه، ويقال له إن شئت فاقتض منه طعاما مثل طعامك وبالبلد الذي استهلكه لك فيه وإن شئت أخذناه لك الآن بقيمة ذلك الطعام في ذلك البلد (قال الشافعي) ولو أن الذي عليه الطعام دعا إلى أن يعطى طعاما بذلك البلد فامتنع الذي له الطعام لم يجبر الذي له الطعام على أن يدفع إليه طعاما مضمونا له ببلد غيره، وهكذا كل ما كان لحمله مؤنة (قال الشافعي) وإنما رأيت له القيمة في الطعام يغصبه ببلد فيلقى الغاصب ببلد غيره أني أزعم أن كل ما استهلك لرجل فأدركه بعينه أو مثله أعطيته المثل أو العين فإن لم يكن له مثل ولا عين أعطيته القيمة لأنها تقوم مقام العين إذا كانت العين والمثل عدما، فلما حكمت أنه إذا استهلك له طعاما بمصر فلقيه بمكة أو بمكة فلقيه بمصر لم أقض له بطعام مثله لأن من أصل حقه أن يعطى مثله بالبلد الذي ضمن له به بالاستهلاك لما في ذلك من النقص والزيادة على كل واحد منهما وما في الحمل على المستوفى، وكان الحكم في هذا أنه لا عين ولا مثل له أقضى به وأجبره على أخذه فجعلته كما لا مثل له فأعطيته قيمته إذا كنت أبطل الحكم له بمثله وإن كان موجودا.
" وفى باب الغصب " من اختلاف العراقيين (قال الشافعي) رحمه الله: وإذا غصب الرجل الجارية فباعها وأعتقها المشترى، فإن أبي حنيفة كان يقول البيع فيها والعتق باطل لا يجوز لأنه باع ما لا يملك وأعتق ما لا يملك وبهذا يأخذ يعنى أبا يوسف، وكان ابن أبي ليلى يقول عتقه جائز وعلى الغاصب القيمة (قال الشافعي) رحمه الله: وإذا اغتصب الرجل الجارية فأعتقها أو باعها مما أعتقها أو اشتراها شراء فاسدا فأعتقها أو باعها ممن أعتقها فالبيع باطل وإذا بطل البيع لم يجز عتق المبتاع لأنه غير مالك وهي مملوكة الأول البائع بيعا فاسدا ولو تناسخها ثلاثون مشتريا فأكثر وأعتقها أيهم شاء إذا لم يعتقها البائع الأول فالبيع كله باطل ويترادون لأن البيع إذا كان بيع المالك الأول الصحيح الملك فاسدا فبائعها الثاني لا يملكها ولا يجوز بيعه فيها بحال ولا بيع من باع بالملك عنه والبيع إذا كان فاسدا فلم يملك به، ومن أعتق ما لا يملك لم يجز عتقه، وإذا اشترى الجارية فوطئها فاستحقها رجل فقضى له بها القاضي فإن أبا حنيفة كان يقول على الواطئ مهر مثلها سئل ما يتزوج به الرجل مثلها يحكم به ذوا عدل ويرجع بالثمن على
(٢٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 » »»
الفهرست