يكون تمرا حتى يجف وليس له أن يأخذ تمرا معيبا وعلامة العيب أن يراه أهل البصر به فيقولون هذا عيب فيه ولا عليه أن يأخذ فيه حشفة واحدة لأنها معيبة وهي نقص من ماله ولا غير ذلك من مستحشفه وما عطش وأضر به العطش منه لأن هذا كله عيب فيه ولو سلف فيه رطبا لم يكن عليه أن يأخذ في الرطب بسرا ولا مذنبا (1) ولا يأخذ إلا ما أرطب كله ولا يأخذ مما أرطب كله مشدخا ولا قديما قد قارب أن يثمر، أو يتغير لأن هذا إما غير الرطب وإما عيب الرطب وهكذا أصناف الرطب والتمر كله وأصناف العنب وكل ما أسلم فيه رطبا أو يابسا من الفاكهة (قال الشافعي) ولا يصلح السلف في الطعام إلا في كيل أو وزن فأما في عدد فلا، ولا بأس أن يسلف في التين يابسا وفى الفرسك يابسا وفى جميع ما ييبس من الفاكهة يابسا بكيل كما يسلف في التمر ولا بأس أن يسلف فيما كيل منه رطبا كما يسلم في الرطب والقول في صفاته وتسميته وأجناسه كالقول في الرطب سواء لا يختلف فإن كان فيه شئ بعض لونه خير من بعض لم يجز حتى يوصف اللون كما لا يجوز في الرقيق إلا صفة الألوان (قال) وكل شئ اختلف فيه جنس من الأجناس المأكولة فتفاضل بالألوان أو بالعظم لم يجز فيه إلا أن يوصف بلونه وعظمه فإن ترك شئ من ذلك لم يجز وذلك أن اسم الجودة يقع على ما يدق ويعظم منه ويقع على أبيضه وأسوده وربما كان أسوده خيرا من أبيضه وأبيضه خير من أسوده وكل الكيل والوزن يجتمع في أكثر معانيه وقليل ما يباين به جملته إن شاء الله تعالى (قال الشافعي) ولو أسلم رجل في جنس من التمر فأعطى أجود منه أو أردأ بطيب نفس من المتبايعين لا إبطال للشرط بينهما، لم يكن بذلك بأس وذلك أن هذا قضاء لا بيع ولكن لو أعطى مكان التمر حنطة أو غير التمر، لم يجز لأنه أعطاه من غير الصنف الذي له فهذا بيع ما لم يقبض بيع التمر بالحنطة (قال الشافعي) ولا خير في السلف في شئ من المأكول عددا، لأنه لا يحاط فيه بصفة كما يحاط في الحيوان بسن وصفة وكما يحاط في الثياب بذرع وصفة ولا بأس أن يسلم فيه كله بصفة ووزن فيكون الوزن فيه يأتي على ما يأتي عليه الذرع في الثوب ولا بأس أن يسلف في صنف من الخربز بعينه ويسمى منه عظاما أو صغارا أو خربز بلد وزن كذا وكذا، فما دخل الميزان فيه من عدد ذلك لم ينظر فيه إلى العدد إذا وقعت على ما يدخل الميزان أقل الصفة ونظر إلى الوزن كما لا ينظر في موزون من الذهب والفضة إلى عدد وإذا اختلفا في عظامه وصغاره فعليه أن يعطيه أقل ما يقع عليه اسم العظم وأقل ما يقع اسم صفته ثم يستوفيه منه موزونا وهكذا السفرجل والقثاء والفرسك وغيره مما يبيعه الناس عددا وجزافا في أوعيته لا يصلح السلف فيه إلا موزونا لأنه يختلف في المكيال وما اختلف في المكيال حتى يبقى من المكيال شئ فارغ ليس فيه شئ لم يسلف فيه كيلا (قال) وإن اختلف فيه أصناف ما سلف من قثاء وخربز وغيره مما لا يكال سمى كل صنف منها على حدته وبصفته لا يجزئه غير ذلك فإن ترك ذلك فالسلف فاسد والقول في إفساده وإجازته إذا اختلف أجناسه كالقول فيما وصفنا قبله من الحنطة والتمر وغيرهما.
باب جماع السلف في الوزن (قال الشافعي) رحمه الله والميزان مخالف للمكيال في بعض معانيه والميزان أقرب من الإحاطة