بعض البدل وبقى بعض السلعة كان ذلك كقيامهما معا فإن ذهب ذاهب إلى أن يقول البدل منهما معا فقد أخذ نصف ثمن ذا ونصف ثمن ذا، فهل من شئ يبين ما قلت غير ما ذكرت؟ قيل نعم أن يكونا جميعا ثمن ذا مثل ثمن ذا مستويي القيمة فيباعان صفقة واحدة ويقبضان ويقبض البائع من ثمنهما خمسين ويهلك أحد الثوبين ويجد بالآخر عيبا فيرده بالنصف الباقي ولا يرد شيئا مما أخذ ويكون ما أخذ ثمن الهالك منهما ولو لم يكونا بيعا وكانا رهنا بمائة فأخذ تسعين وفات أحدهما كان الآخر رهنا بالعشرة الباقية وكذلك يكون لو كانا قائمين ولا يبعض الثمن عليهما ولكنه يجعل الكل في كليهما والباقي في كليهما وكما يكون ذلك في الرهن لو كانوا عبيدا رهنا بمائة فأدى تسعين كانوا معا رهنا بعشرة لا يخرج منهم أحد من الرهن ولا شئ منه حتى يستوفى آخر حقه فلما كان البيع في دلالة حكم النبي صلى الله عليه وسلم موقوفا فإن أخذ ثمنه وإلا رجع بيعه فأخذه فكان كالمرتهن قيمته وفى أكثر من حال المرتهن في أنه أخذه كله لا يباع عليه كما يباع الرهن فيستوفى حقه ويرد فضل الثمن على مالكه فكان في معنى السنة (قال الشافعي) في الشريكين يفلس أحدهما: لا يلزم الشريك الآخر من الدين شئ إلا أن يقر أنه أدانه له بإذنه أو هما معا فيكون كدين أدانه له بإذنه بلا شركة كانت، وشركة المفاوضة باطلة لا شركة إلا واحدة.
قال الله تبارك وتعالى " وإن كان ذو عشرة فنظرة إلى ميسرة " وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " مطل الغنى ظلم " فلم يجعل على ذي دين سبيلا في العشرة حتى تكون الميسرة ولم يجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم مطله ظلما إلا بالغنى فإذا كان معسرا فهو ليس ممن عليه سبيل إلا أن يوسر وإذا لم يكن عليه سبيل فلا سبيل على إجارته لأن إجارته عمل بدنه وإذا لم يكن على بدنه سبيل وإنما السبيل على ماله لم يكن إلى استعماله سبيل، وكذلك لا يحبس لأنه لا سبيل عليه في حاله هذه، وإذا قام الغرماء على رجل فأرادوا أخذ جميع ماله ترك له من ماله قدر ما لا غناء به عنه، وأقل ما يكفيه وأهله يومه من الطعام والشراب وقد قيل إن كان لقسمه حبس أنفق عليه وعلى أهله كل يوم أقل ما يكفيهم حتى يفرغ من قسم ماله ويترك لهم نفقتهم يوم يقسم آخر ماله وأقل ما يكفيه من كسوته في شتاء كان ذلك أو صيف فإن كان له من الكسوة ما يبلغ ثمنا كثيرا بيع عليه وترك له ما وصفت لك من أقل ما يكفيه منها فإن كانت ثيابه كلها غوالي مجاوزة القدر اشترى له من ثمنها أقل ما يكفيه مما يلبس أقصد من هو في مثل حاله ومن تلزمه مؤنته في وقته ذلك شتاء كان أو صيفا وإن مات كفن من ماله قبل الغرماء وحفر قبره بأقل ما يكفيه ثم اقتسم فضل ماله ويباع عليه مسكنه وخادمه لأن له من الخادم بدا وقد يجد المسكن قال وإذا جنيت عليه جناية قبل التفليس فلم يأخذ أرشها إلا بعد التفليس فالغرماء أحق بها منه إذا قبضها لأنها مال من ماله لا ثمن لبعضه، ولو وهب له بعد التفليس هبة لم يكن عليه أن يقبلها فلو قبلها كانت لغرمائه دونه وكذلك كل ما أعطاه أحد من الآدميين متطوعا به فليس عليه قبوله ولا يدخل ماله شئ إلا بقبوله إلا الميراث، فإنه لو ورث كان مالكا ولم يكن له دفع الميراث وكان لغرمائه أخذه من يده، ولو جنيت عليه جناية عمدا فكان له الخيار بين اخذ الأرش أو القصاص كان له أن يقتص ولم يكن عليه أن يأخذ المال لأنه لا يكون مالكا للمال إلا بأن يشاء وكذلك لو عرض عليه من جنى عليه المال ولو استهلك له شيئا قبل التفليس ثم صالح منه على شئ بعد التفليس فإن كان ما صالح قيمة ما استهلك له بشئ معروف القيمة فأراد مستهلكة أن يزيده على قيمته لم يكن عليه أن يقبل الزيادة لأن الزيادة في موضع الهبة فإن فلس الغريم وقد شهد له شاهد بحق على آخر فأبى أن يحلف مع شاهده