الرطوبة عليها إلا قشورها فإذا زايلتها قشورها دخلها اليبس والفساد بالطعم والريح وقلة البقاء وليس تطرح تلك القشور عنها إلا عند استعمالها بالاكل وإخراج الدهن وتعجيل المنافع ولم أجدها كالبيض الذي إن طرحت قشرته ذهب وفسد ولا إن طرحت وهي منضج لم تفسد والناس إنما يرفعون هذا لأنفسهم في قشرة والتمر فيه نواه لأنه لا صلاح له إلا به وكذلك يتبايعونه وليس يرفعون
الحنطة والحبوب في أكمامها ولا كذلك يتبايعونه في أسواقهم ولا قراهم وليس بفساد على الحبوب طرح قشورها عنها كما يكون فسادا على
التمر إخراج نواه والجوز واللوز والرانج وما أشبهه يسرع تغيره وفساده إذا ألقى ذلك عنه وادخر وعلى الجوز قشرتان قشرة فوق القشرة التي يرفعها الناس عليه، ولا
يجوز بيعه وعليه القشرة العليا ويجوز وعليه القشرة التي إنما يرفع وهي عليه لأنه يصلح بغير العليا ولا يصلح بدون السفلى، وكذلك الرانج وكل ما كانت عليه قشرتان، وقد قال غيري
يجوز بيع كل شئ من هذا إذا يبس في سنبله، ويروى فيه عن ابن سيرين أنه أجازه وروى فيه شيئا لا يثبت مثله عمن هو أعلى من ابن سيرين ولو ثبت اتبعناه ولكنا لم نعرفه ثبت والله تعالى أعلم ولم يجز في القياس إلا إبطاله كله والله تعالى أعلم قال ويجوز
بيع الجوز واللوز والرانج وكل ذي قشرة يدخره الناس بقشرته مما إذا طرحت عنه القشرة ذهبت رطوبته وتغير طعمه ويسرع الفساد إليه مثل البيض والموز في قشوره فإن قال قائل ما فرق بين ما أجزت في قشوره وما لم تجز منه؟ قيل له إن شاء الله تعالى إن هذا لا صلاح له مدخورا إلا بقشرة ولو طرحت عنه قشرته لم يصلح أن يدخر وإنما يطرح الناس عنه قشرته عندما يريدون
أكله أو عصر ما عصر منه وليست تجمع قشرته إلا واحدة منه أو توأما لواحد وأن ما على الحب من الأكمام يجمع الحب الكثير تكون الحبة والحبتان منها في كمام غير كمام صاحبتها فتكون الكمام منها ترى ولا حب فيها والأخرى ترى وفيها الحب ثم يكون مختلفا أو يدق عن أن يكون تضبط معرفته كما تضبط معرفة البيضة التي تكون ملء قشرتها والجوزة التي تكون ملء قشرتها واللوزة التي قلما تفصل من قشرتها لامتلائها وهذا إنما يكون فساده بتغير طعمه أو بأن يكون لا شئ فيه وإذا كان هكذا رد مشتريه بما كان فاسدا منه على بيعه وكان ما فسد منه يضبط والحنطة قد تفسد بما وصفت ويكون لها فساد بأن تكون مستحشفة ولو قلت أرده بهذا لم أضبطه ولم أخلص بعض
الحنطة من بعض لأنها إنما تكون مختلطة وليس من هذا واحد يعرف فساده إلا وحده فيرد مكانه ولا يعرف فساد حب
الحنطة إلا مختلفا وإذا اختلط خفى عليك كثير من الحب الفاسد فأجزت عليه
بيع ما لم ير وما يدخله ما وصفت (1)
____________________
(1) وفي اختلاف مالك والشافعي رحمهما الله في أثناء باب البيع على البرنامج (أخبرنا الربيع) قال سألت الشافعي عن بيع الثمر حين يبدو صلاحه فقال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه نهى البائع والمشترى (قال الشافعي) وبهذا نأخذ وفيه دلائل بينة منها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه قال وصلاحه أن ترى فيه الحمرة أو الصفرة لأن الآفة قد تأتى عليه أو على بعضه قبل بلوغه أو يجد بسرا وهو في الحال التي نهى عنها ظاهر يراه البائع والمشترى كما كانا يريانه إذا ريئت فيه الحمرة بما وصفنا من معنى أن الآفة ربما كانت فقطعته أو نقصته كانت كل ثمرة مثله لا يحل أن تباع أبدا حتى تزهى وينضج منها ذلك وإذا قلنا وقد قلتم بالجملة وقلنا لا يحل بيع القثاء ولا الخربز وإن ظهر وعظم حتى يرى فيه النضج (قال الشافعي) وقلنا فإذا لم يحل بيع القثاء والخربز حتى يرى فيه النضج كان بيع ما لم يخرج من القثاء والخربز أحرم لأنه لم يبد صلاحه ولم يخلق ولا يدرى لعله لا يكون فقلت للشافعي رحمه الله فنحن نقول إذا طاب شئ من القثاء حل أن تباع ثمرته تلك وما خلق من القثاء ما نبت أصله