عنه من رواية عبد الاعلى وقد رأينا أصحابكم يضعفون رواية عبد الاعلى التي لا يعارضها معارض تضعيفا شديدا فكيف بما عارضه فيه من هو أقرب من الصحة وأولى بها؟! (قال الشافعي) وقيل لقائل هذا القول قد خرجت فيه مما رويت عن عطاء يرفعه ومن أصح الروايتين عن علي رضي الله عنه وعن شريح وما روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم إلى قول رويته عن إبراهيم النخعي وقد روى عن إبراهيم خلافه وإبراهيم لو لم تختلف الرواية عنه فيه زعمت لا يلزم قوله وقلت قولا متناقضا خارجا عن أقاويل الناس وليس للناس فيه قول إلا وله وجه وإن ضعف إلا قولكم فإنه لا وجه له يقوى ولا يضعف ثم لا تمتنعون من تضعيف من خالف قول من قال يترادان الفضل أن يقول لم يدفعه أمانة ولا بيعا وإنما دفعه محتبسا بشئ فإن هلك ترادا فضله وهكذا كل مضمون بعينه إذا هلك ضمن من ضمنه قيمته (قال الشافعي) وهذا ضعيف إذ كيف يترادان فضله وهو إن كان كالبيع فهو بما فيه وإن كان محتبسا بحق فما معنى أنه مضمون وهو لا غصب من المرتهن ولا عدوان عليه في حبسه وهو يبيح له حبسه؟ (قال الشافعي) ووجه قول من قال الرهن بما فيه أن يقول قد رضى الراهن والمرتهن أن يكون الحق في الرهن فإذا هلك هلك بما فيه لأنه كالبدل من الحق وهذا ضعيف وما لم يتراضيا تبين ملك الراهن على الرهن إلى أن يملكه المرتهن ولو ملكه لم يرجع إلى الراهن (قال الشافعي) والسنة ثابتة عندنا والله تعالى أعلم بها قلنا وليس مع السنة حجة ولا فيها إلا اتباعها مع أنها أصح الأقاويل مبتدأ ومخرجا (قال) وقيل لبعض من قال هذا القول الذي حكينا: أنت أخطأت بخلاف السنة وأخطأت بخلافك ما قلت قال وأين خالفت ما قلت؟ قلت عبت علينا أن زعمنا أنه أمانة وحجتنا فيه ما ذكرنا وغيرها مما فيما ذكرنا كفاية منه فكيف عبت قولا قلت ببعضه؟ قال لي وأين؟ قلت زعمت أن الرهن مضمون قال نعم قلنا فهل رأيت مضمونا قط بعينه فهلك إلا أدى الذي ضمنه قيمته بالغة ما بلغت؟ قال لا غير الرهن قلنا فالرهن إذا كان عندك مضمونا لم لم يكن هكذا إذا كان يسوى ألفا وهو رهن بمائة؟ لم لم يضمن المرتهن تسعمائة لو كان مضمونا كما ذكرت قال هو في الفضل أمين قلنا ومعنى الفضل غير معنى غيره؟
قال نعم قلنا لأن الفضل ليس برهن؟ قال إن قلت ليس برهن قلت أفيأخذه مالكه قال فليس لمالكه أن يأخذه حتى يؤدى ما فيه قلنا لم؟ قال لأنه رهن قلنا فهو رهن واحد محتبس بحق واحد بعضه مضمون وبعضه أمانة قال نعم قلنا أفتقبل مثل هذا القول ممن يخالفك فلو قال هذا غيرك ضعفته تضعيفا شديدا فيما ترى وقلت وكيف يكون الشئ الواحد مدفوعا بالامر الواحد بعضه أمانة وبعضه مضمون (قال الشافعي) وقلنا أرأيت جارية تسوى ألفا رهنت بمائة وألف درهم رهنت بمائة أليست الجارية بكمالها رهنا بمائة والألف الدرهم رهن بكمالها بمائة؟ قال بلى قلنا الكل مرهون منهما ليس له أخذه ولا إدخال أحد برهن معه فيه من قبل أن الكل مرهون بالمائة مدفوع دفعا واحدا بحق واحد فلا يخلص بعضه دون بعض قال نعم قلنا وعشر الجارية مضمون وتسعة أعشارها أمانة ومائة مضمون وتسعمائة أمانة؟ قال نعم قلنا فأي شئت عبت من قولنا ليس بمضمون وهذا أنت تقول في أكثره ليس بمضمون؟
(قال الشافعي) وقيل له إذا كانت الجارية دفعت خارجا تسعة أعشارها من الضمان والألف كذلك فما تقول إن نقصت الجارية في ثمنها حتى تصير تسوى مائة؟ قال الجارية كلها مضمونة قيل فإن زادت بعد النقصان حتى صارت تسوى الفين؟ قال تخرج الزيادة من الضمان ويصير نصف عشرها مضمونا وتسعة عشر جزءا من عشرين سهما غير مضمون قلنا ثم هكذا إن نقصت أيضا حتى صارت تسوى مائة؟ قال نعم تعود كلها مضمونة قال وهكذا جوار ولو رهن يسوين عشرة آلاف بألف كانت تسعة