لأن اسم اليتامى يجمعهم واسم الابتلاء يجمعهم وأن الله تعالى لم يفرق بين النساء والرجال في أموالهم وإن خرج الرجل والمرأة من أن يكونا موليين جاز للمرأة في مالها ما جاز للرجل في ماله ذات زوج كانت أو غير ذات زوج سلطانها على مالها سلطان الرجل على ماله لا يفترقان (قال الشافعي) في قول الله عز وجل " وابتلوا اليتامى " إنما هو اختبروا اليتامى قال فيختبر الرجال النساء بقدر ما يمكن فيهم والرجل الملازم للسوق والمخالط للناس في الاخذ والاعطاء قبل البلوغ ومعه وبعده لا يغيب بعد البلوغ أن يعرف حاله بما مضى قبله ومعه وبعده فيعرف كيف هو في عقله في الاخذ والاعطاء وكيف هو في دينه والرجل القليل المخالطة للناس يكون اختباره أبطأ من اختبار هذا الذي وصفت فإذا عرفه خاصته في مدة وإن كانت أطول من هذه المدة فعدلوه وحمدوا نظره لنفسه في الاخذ والاعطاء وشهدوا له أنه صالح في دينه حسن النظر لنفسه في ماله فقد صار هذان إلى الرشد في الدين والمعاش ويؤمر وليهما بدفع مالهما إليهما (قال الشافعي) وإذا اختبر النساء أهل العدل من أهلها ومن يعرف حالها بالصلاح في دينها وحسن النظر لنفسها في الاخذ والاعطاء صارت في حال الرجلين وإن كان ذلك منها أبطأ منه من الرجلين لقلة خلطتها بالعامة وهو من المخالطة من النساء الخارجة إلى الأسواق الممتهنة لنفسها أعجل منه من الصائنة لنفسها كما يكون من أحد الرجلين أبعد فإذا بلغت المرأة الرشد والرشد كما وصفت في الرجل أمر وليها بدفع مالها إليها (قال الشافعي) وقد رأيت من الحكام من أمر باختبار من لا يوثق بحاله تلك الثقة بأن يدفع إليه القليل من ماله فإن أصلح فيه دفع إليه ما بقي وإن أفسد فيه كان الفساد في القليل أيسر منه في الكل ورأينا هذا وجها من الاختبار حسنا والله أعلم وإذا دفع إلى المرأة مالها والرجل فسواء كانت المرأة بكرا أو متزوجة عند زوج أو ثيبا كما يكون الرجل سواء في حالاته وهي تملك من مالها ما يملك من ماله ويجوز لها في مالها ما يجوز له في ذلك عند زوج كانت أو غير زوج لا فرق في ذلك بينها وبينه في شئ مما يجوز لكل واحد منهما في ماله فكذلك حكم الله عز وجل فيها وفيه ودلالة السنة. وإذا نكحت فصداقها مال من مالها تصنع به ما شاءت كما تصنع بما سواه من مالها.
باب الخلاف في الحجر (قال الشافعي) رحمه الله: فخالفنا بعض الناس في الحجر فقال لا يحجر على حر بالغ ولا على حرة بالغة وإن كانا سفيهين وقال لي بعض من يذب عن قوله من أهل العلم عند أصحابه أسألك من أين أخذت الحجر على الحرين وهما مالكان لأموالهما؟ فذكرت لهم ما ذكرت في كتابي أو معناه أو بعضه فقال فإنه يدخل عليك فيه شئ فقلت وما هو؟ قال أرأيت إذا أعتق المحجور عليه عبده؟ فقلت لا يجوز عتقه قال ولم؟ قلت كما يجوز للملوك ولا للمكاتب أن يعتقا قال لأنه إتلاف لماله؟ قلت نعم قال أفليس الطلاق والعتاق لعبهما وجدهما واحد؟ قلت ممن ذلك له وكذلك لو باع رجل فقالت لعبت أو أقر لرجل بحق فقال لعبت لزمه البيع والاقرار وقيل له لعبك لنفسك وعليها قال أفيفترق العتق والطلاق؟ قلت نعم عندنا وعندك قال وكيف وكلاهما إتلاف للمال؟ قلت له إن الطلاق وإن كان فيه إتلاف المال فإن الزوج مباح له بالنكاح شئ كان غير مباح له قبله ومجعول إليه تحريم ذلك المباح ليس تحريمه لمال يليه عليه غيره إنما هو تحريم يقول من قول أو فعل من فعله وكما كان مسلطا على الفرج دون غيره فكذلك كان مسلطا على تحريمه دون غيره ألا ترى أنه يموت فلا تورث عنه امرأته ويهبها ويبيعها