كتاب الأم - الإمام الشافعي - ج ٣ - الصفحة ٢٤١
سبب فأحدث شيئا لزمه وإن أحدث له أمر فهو بعد سبب الضرب والاقرار ساقط عنه قال وإذا قال الرجل لرجل أقررت لك بكذا وأنا مكره فالقول قوله مع يمينه وعلى المقر له البينة على إقراره له غير مكره (قال الربيع) وفيه قول آخر أن من أقر بشئ لزمه إلا أن يعلم أنه كان مكرها (قال الشافعي) ويقبل قوله إذا كان محبوسا وإن شهدوا أنه غير مكره وإذا شهد شاهدان أن فلانا أقر لفلان وهو محبوس بكذا أو لدى سلطان بكذا فقال المشهود عليه أقررت لغم الحبس أو لاكراه السلطان فالقول قوله مع يمينه إلا أن تشهد البينة أنه أقر عند السلطان غير مكره ولا يخاف حين شهدوا أنه أقر غير مكره ولا محبوس بسبب ما أقر له وهذا موضوع بنصه في كتاب الاكراه سئل الربيع عن كتاب الاكراه فقال لا أعرفه.
جماع الاقرار (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: ولا يجوز عندي أن ألزم أحدا إقرارا إلا بين المعنى فإذا احتمل ما أقر به معنيين ألزمته الأقل وجعلت القول قوله ولا ألزمه إلا ظاهر ما أقر به بينا وإن سبق إلى القلب غير ظاهر ما قال وكذلك لا ألتفت إلى سبب ما أقر به إذا كان لكلامه ظاهر يحتمل خلاف السبب لأن الرجل قد يجيب على خلاف السبب الذي كلم عليه لما وصفت من (1) أحكام الله عز وجل فيما بين العباد على الظاهر (2).
الاقرار بالشئ غير موصوف (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وإذا قال الرجل لفلان على مال أو عندي أو في يدي أو قد

(1) قوله من أحكام الله، كذا بالأصول التي بيدنا ولعله سقط لفظ أن أو إجراء بعد من، وحرر اه‍ مصححه.
(2) باب من أقر لانسان بشئ فكذبه المقر له وليس في التراجم وفي اختلاف العراقيين في " باب المواريث " لما ذكر إقرار بعض الورثة لوارث قال القياس أنه لا يأخذ شيئا من قبل أنه إنما أقر له بحق عليه في ذلك الحق مثل الذي أقر له به لأنه إذا كان وارثا بالنسب كان موروثا به فإذا لم يثبت النسب حتى يكون موروثا به لم يجز أن يكون وارثا به وذلك مثل الرجل يقر أنه باع داره من رجل بألف فجحده المقر له بالبيع لم نعطه الدار وإن كان بائعها قد كان أقر بأنها صارت ملكا له وذلك أنه لم يقر أنها كانت ملكا له إلا وهو مملوك عليه بها شئ فلما سقط أن تكون مملوكة عليه سقط الاقرار له (قال شيخنا) شيخ الاسلام أيده الله تعالى وهذا النص يقتضى أنه لو أقر بدين عليه أو ان هذه الدار ملكه بهبة ونحوها أو مطلقا أنه لا يكون الحكم كذلك وقد اختلف الأصحاب في هذه الصورة والأرجح عندهم إلغاء الاقرار وتترك العين في يد المقر وفى وجه آخر يأخذه القاضي ويحفظه بناء على بقاء الاقرار وهذا الثاني قد يتعلق بالتعليل المذكور في نقض البيع والثالث يجبر المقر له على أخذه وهذا مع ضعفه له شاهد من النص المذكور باعتبار أن الشافعي رضي الله عنه إنما ألغى الاقرار في صورة يكون فيها تعلق من الجانبين له وعليه فإذا كان عليه لا له لا يلغى الاقرار وللذين رجحوا الأول أن يقولوا إنما ذكر الشافعي صورة البيع ليقيس عليها إقرار بعض الورثة لوارث لا لأن تكذيب المقر في غير هذا يبقى الاقرار معه اه‍.
(٢٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 ... » »»
الفهرست