قال: (فإن قال قائل: وما الدليل على أن المراد بالمسح في الرجلين العموم دون أن يكون خصوصا نظير قولك في المسح بالرأس؟.
قيل: الدليل على ذلك تظاهر الأخبار عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: " ويل للأعقاب وبطون الأقدام من النار "، ولو كان مسح بعض مجزيا عن عمومها بذلك، لما كان لها الويل بترك ما ترك مسحه منها بالماء، فوجوب الويل لعقب تارك مسح عقبه في وضوئه أوضح الدليل على وجوب فرض العموم بمسح جميع القدم بالماء، وصحة ما قلنا وفساد ما خالفه) (1).
ثم يشرع ابن جرير في سرد أخبار: " ويل للأعقاب " مستدلا على عموم المسح.
والكلام الأخير من ابن حجر العسقلاني. قال في شرح استدلال البخاري بالخبر على وجوب الغسل: (وهذا ظاهر الرواية المتفق عليها. وفي إفراد مسلم: (فانتهينا إليهم وأعقابهم بيض تلوح لم يمسها الماء) فتمسك بها من يقول بإجزاء المسح، ويحمل الإنكار على ترك التعميم. لكن الرواية المتفق عليها أرجح، فتحمل هذه الرواية عليها بالتأويل، فيحتمل أن يكون قوله: (لم يمسها الماء) - أي ماء الغسل - جمعا بين الروايتين) (2). انتهى.
فيظهر من كلامه أنه استسلم للقول بظهور لفظ مسلم في المسح إلا أنه رجح اللفظ المتفق عليه، وحمل هذا عليه بالتأويل وإن كان عليه عكس ذلك، لأن اللفظ المتفق عليه أظهر في المسح. وقد رأيتم كلام ابن رشد حوله، أعني قوله: (وهذا الأثر وإن كانت العادة قد جرت بالاحتجاج به في منع المسح، فهو أدل على جوازه منه على منعه، لأن الوعيد إنما تعلق فيه بترك التعميم لا بنوع الطهارة).
أقول: إن عجبت فأعجب لفقيه مثل ابن العربي كيف يرجح روايات الغسل على نص القرآن فيقول: (وطريق النظر البديع أن القراءتين محتملتان، وأن اللغة تقتضي بأنهما جائزتان، فردهما الصحابة إلى الرأس مسحا، فلما قطع بنا حديث