أطلق، فالمفهوم منه المسح من غير اشتراط للاستيعاب. وانضم إليه أن النبي (صلى الله عليه وآله) مسح الناصية وحدها) (1).
والشوكاني الذي نسب إلى الزيدية، ينقل عن التفتزاني قائلا: (إن الباء تدخل في الآلة، والمعلوم أن الآلة لا يراد استيعابها، كمسحت رأسي بالمنديل، فلما دخلت (الباء) في الممسوح كان ذلك الحكم، أعني: عدم الاستيعاب في الممسوح).
ثم يستمر الشوكاني قائلا: (والإنصاف أن الآية ليست من قبيل المجمل وإن زعم ذلك الزمخشري وابن الحاجب في مختصره والزركشي. والحقيقة لا تتوقف على مباشرة آلة الفعل جميع أجزاء المفعول، كما لا تتوقف في قولك: (ضربت عمروا) على مباشرة الضرب لجميع أجزائه، فمسح رأسه يوجد المعنى الحقيقي بوجود مجرد المسح للكل أو البعض. وليس النزاع في مسمى الرأس فيقال هو حقيقة في جميعه، بل النزاع في إيقاع المسح على الرأس، والمعنى الحقيقي للإيقاع يوجد بمجرد المباشرة. ولو كانت المباشرة الحقيقية لا توجد إلا بمباشرة الحال لجميع المحل لقل وجود الحقائق في هذا الباب، بل يكاد يلحق بالعدم) (2).
وقال العيني ناقلا عن بعض أكابر الحنفية: (قال أبو بكر الرازي في الأحكام:
قوله تعالى: * (وامسحوا برؤوسكم) * يقتضي مسح بعضه، وذلك لأنه معلوم أن هذه الأدوات موضوعة لإفادة المعاني، وإن كان قد يجوز دخولها في بعض المواضع صلة، فتكون ملغاة، ويكون وجودها وعدمها سواء، ولكن لما أمكن ههنا استعمالها على وجه الفائدة لم يجز إلغاؤها، فلذلك قلنا: إنها للتبعيض.
والدليل على ذلك أنك إذا قلت: مسحت يدي بالحائط، كان معقولا مسحها ببعضه، دون جميعه، ولو قلت: مسحت الحائط، كان المعقول مسح جميعه، دون بعضه. فوضح الفرق بين إدخالها وإسقاطها في العرف واللغة. فإذا كان كذلك،