يظنه الآخرون فلا يمكن أن يكون من لوازم الماهية كالوجود على ما برهن عليه. فلو كانت الماهية المجعولة متعددة الحصول في الأعيان كالنوع الواحد المتكثر أفراده فلا محالة أن يكون جعلها متعددا. فتعدد الجعل إما أن يقتضي أن يكون بحسب تعدد نفس الماهية أو تعدد حصولاتها وأنحاء وجوداتها فيكون الوجود متعددا بالذات والماهية متعددة بالتبع. والشق الأول مستحيل لأن صرف الشيء لا يتميز ولا يتعدد. فكيف تتكرر نفس الماهية ويتعدد جعلها من حيث هي هي وهذا شيء لا مجال لذي عقل أن يتصوره فضلا عن أن يجوزه. فبقي الشق الثاني وهو أن يكون الصادر بالذات والمجعول أولا على نعت الكثرة هي أنحاء الحصولات أعني الوجودات المتشخصة بذواتها ويتكثر بتكثرها الماهية الواحدة.
الشاهد الرابع (95) إن الماهية الموجودة إن كانت نوعا منحصرا في شخص كالشمس مثلا فكونها هذا الموجود الشخصي مع احتمالها بحسب نفسها التعدد والاشتراك بين كثيرين إن كان من قبل الجاعل فيكون المجعول بالحقيقة هو الوجود دون الماهية وهو المطلوب. وإن كان من قبل الماهية فمع لزوم الترجيح من غير مرجح لتساوي نسبة الماهية إلى أشخاصها المفروضة يلزم أن تكون قبل الوجود والتشخص موجودة متشخصة. فيلزم تقدم الشيء على نفسه وهو ممتنع. ومع ذلك ننقل الكلام إلى كيفية وجوده وتشخصه فيلزم الدور أو التسلسل.
الشاهد الخامس (96) لو كانت الجاعلية والمجعولية بين الماهيات وكان الوجود أمرا اعتباريا عقليا يلزم أن يكون المجعول من لوازم ماهية الجاعل.
ولوازم الماهيات أمور اعتبارية فيلزم أن يكون جواهر العالم وأعراضه كلها أمورا اعتبارية إلا المجعول الأول عند من اعترف بأن الواجب جل اسمه عين