الأموي، ولكنه فوجئ بطغيان بني العباس ضد ذرية فاطمة رضي الله عنها، وكانوا في اعتقاده الأحق بالحكم والخلافة.
وعرضت عليه الدولة العباسية المناصب فرفضها. وظل ينتقد أحكام قاضي القضاة فقيه الدولة ابن أبي ليلى.. ووقف ضد فقهاء السلطان في كل مكان، وأرسل له الخليفة الهدايا والعطايا يسترضيه فكان موقفه رفض كل عطية ومنحة من الخليفة. ثم أرسل الخليفة إليه يلح عليه في ولاية منصب قاضي القضاة لدولة هي أعظم دول الأرض قاطبة آنذاك. واستدعاه الخليفة يسأله عن سبب رفضه فقال أبو حنيفة: (والله ما أنا بمأمون الرضا فكيف أكون مأمون الغضب؟ ولو اتجه الحكم عليك ثم هددتني أن تغرقني في الفرات أو الحكم لك لاخترت أن أغرق. ثم إن تلك حاشية يحتاجون إلى من يكرمهم لك، فلا أصلح لذلك).
فغضب الخليفة وقال: (كذبت!) فقال أبو حنيفة في هذه: (قد حكمت على نفسك.. كيف يحل لك أن تولي قاضيا على أمانتك وهو كاذب؟!) (1) وسأله الخليفة عن سبب رفضه هداياه؟ فقال له أبو حنيفة إنها من بيت مال المسلمين، ولا حق في بيت مال المسلمين إلا للمقاتلين أو الفقراء أو العاملين في الدولة بأجر وهو ليس واحدا من هؤلاء.
فأمر الخليفة بحبسه وضربه بالسياط حتى يقبل منصب قاضي القضاة (2).
وظل أبو حنيفة في السجن وهو شيخ قد جاوز السبعين يتعرض للضرب بالسياط رافضا بإباء وشمم أن يكون قاضي القضاة لدولة غاشمة ظالمة.. وما أخرجوه من السجن إلا وهو يعاني سكرات الموت.
وشيعه خمسون ألفا من أهل العراق واضطر الخليفة أن يصلي عليه فقال وهو يهمهم: (من يعذرني من أبي حنيفة حيا وميتا) (3).
الإمام الشافعي محمد بن إدريس القرشي المطلبي: 150 - 204 ه يلتقي مع النبي صلى الله عليه وسلم في عبد مناف. ولد بغزة (فلسطين) وحمل إلى مكة وهو ابن سنتين