عنه؟ قال حبسني عنه ودائع الناس عرضتها على ابن أبي ليلى (أحد فقهاء العراق)، فلم يقبل. فخفت أن أموت جهلا. ويروى أنه قال في الاعتذار عن عدم الخروج: لو علمت أن الناس لا يخذلونه كما خذلوا أباه لجاهدت معه، لأنه إمام حق. ولكن أعينه بمالي، فبعث إليه بعشرة آلاف درهم، وقال للرسول:
إبسط عذري له) (1).
(ولقد أرسل أبو حنيفة مع أحد الفقهاء الذين خرجوا مع زيد في رسالة أرسلها إليه: قل لزيد لك عندي معونة وقوة على جهاد عدوك، فاستعن بها أنت وأصحابك في الكراع والسلاح) (2) وقال الإمام جعفر الصادق عن أبي حنيفة: (رحم الله أبا حنيفة، لقد تحققت مودته لنا في نصرته) (3).
ورغم أن ثورة الامام زيد انتهت باستشهاده واستشهاد من معه، ثم صلبه ورمي جثمانه في كناسة الكوفة، إلا أن هذه الثورة كانت الفتيل الذي أشعل الثورة الكبرى والتي أنهت حكم الأمويين إلى الأبد.. فقد ضاق الناس ذرعا بهذا الظلم والتعدي على حرمات الله وحرمات آل بيته وسب فاطمة وعليا والحسن والحسين ونسلهما. وأدى ذلك إلى القيام بالثورة التي كانت للرضا من آل محمد.. وقد استطاع السفاح والمنصور بذكائهما المفرط أن يستوليا على مكاسب الثورة، ويحولاها لصالحهما وصالح بني العباس. مع أنهما قد بايعا سرا النفس الزكية محمد بن عبد الله بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي كرم الله وجهه وأدى ذلك إلى ما وصفناه من موقف الامام مالك من تأييد ثورة النفس الزكية بطريقة غير مباشرة ضد المنصور العباسي مما أدى إلى مواجهة الابتلاء.
والشئ ذاته حدث للامام أبي حنيفة. فقد سر سرورا عظيما بنهاية الطغيان