أحدثه كثير من المتأخرين من أنواع المقالات التي تخالف ما كان عليه أولئك السلف (وهؤلاء المتأخرون) ممن ينتصب لعداوة آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبخسهم حقوقهم ويؤذيهم أو ممن يغلو فيهم غير الحق ويفتري عليهم الكذب ويبخس السابقين والطائعين حقوقهم) (1).
ثم قال: (ومن ذلك أن اليوم الذي هو يوم عاشوراء الذي أكرم الله فيه سبط نبيه وأحد سيدي شباب أهل الجنة بالشهادة على أيدي من قتله من الفجرة الأشقياء، وكان ذلك مصيبة من أعظم المصائب الواقعة في الاسلام. وقد روى الإمام أحمد وغيره عن فاطمة بنت الحسين، وقد كانت شهدت مصرع أبيها، عن أبيها الحسين بن علي رضي الله عنهم جميعا، عن جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (ما من رجل يصاب بمصيبة فيذكر مصيبته وإن قدمت فيحدث لها استرجاعا إلا أعطاه الله من الاجر يوم أصيب بها). فقد علم الله أن مثل هذه المصيبة العظيمة سيتجدد ذكرها مع تقادم العهد، فكان من محاسن الاسلام أن روى هذا الحديث صاحب المصيبة والمصاب به أولا، ولا ريب أن ذلك إنما فعله الله كرامة للحسين رضي الله عنه، ورفعا لدرجته ومنزلته عند الله وتبليغا له منازل الشهداء وإلحاقا له بأهل بيته الذين ابتلوا بأصناف البلاء، ولم يكن الحسن والحسين حصل لهما من الابتلاء ما حصل لجدهما ولأمهما وعمهما (وأبيهما) لأنهما ولدا في عز الاسلام وتربيا في حجور المؤمنين، فأتم الله نعمته عليهما بالشهادة: أحدهما مسموما (وهو الحسن بن علي رضي الله عنه) والآخر مقتولا (وهو الإمام الحسين)، لأن الله عنده من المنازل العالية في دار كرامته ما لا ينالها إلا أهل البلاء كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وقد سئل أي الناس أشد بلاء؟ فقال: (الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل. يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه، وإن كان في دينه رقة خفف عنه، وما يزال البلاء بالمؤمن حتى يمشي على الأرض وليس عليه خطيئة).
(وشقي بقتله من أعان عليه أو رضي به، فالذي شرعه الله للمؤمنين عند الإصابة بالمصائب وإن عظمت أن يقولوا: إنا لله وإنا إليه راجعون. وقد روى