إمام علي الرضا ورسالته في الطب النبوي - محمد علي البار - الصفحة ١٥٢
ويظهر العشب ويجري فيه الماء في الغور، وينفع فيه أكل الثوم ولحم الطير والصيود والفاكهة اليابسة، ويقلل من أكل الحلاوات ويحمد فيه كثرة الحركة والرياضة ثم إنه (عليه السلام) ذكر وصف الشراب الحلال للمأمون وقال (1):
(١) وصف الشراب الحلال:
لم يذكر السيد الخرسان في كتابه: طب الإمام الرضا وصف الشراب الحلال بل حذفه. وقد ذكره كاملا السيد محمود الموسوي الأصفهاني في كتابه رمز الصحة في طب النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة عليهم السلام فقال: (صفة الشراب الذي يحل شربه واستعماله بعد الطعام، وقد تقدم ذكر نفعه في ابتدائنا بالقول على فصول السنة وما يعتمد فيها من حفظ الصحة.
(وصفته: هو أن يؤخذ من الزبيب المنقى عشرة أرطال فيغسل وينقع في ماء صاف في غمرة، وزيادة عليه أربع أصابع، ويترك في إنائه ذلك ثلاثة أيام في الشتاء، وفي الصيف يوما وليلة (كما ورد في الحديث أنه كان ينتبذ له ثلاثة أيام، وفي رواية يوم وليلة. وتعليله ثلاثة أيام في الشتاء لعدم سرعة التخمر. وأما في الصيف فيوم وليلة فقط بسبب سرعة التخمر). ثم يجعل في قدر نظيفة، وليكن الماء ماء السماء إن قدر عليه (أي ماء المطر النازل مباشرة من السماء). وإلا فمن الماء العذب الذي ينبوعه من ناحية الشرق، ماء براقا أبيض خفيفا، وهو القابل لما يعترضه على سرعة من السخونة والبرودة، وتلك دلالة على صفاء الماء، ويطبخ حتى ينتفخ الزبيب وينضج، ثم يعصر ويصفى ماؤه، ويبرد ثم يرد إلى القدر ثانيا. ويؤخذ مقداره بعود ويغلى بنار لينة غليانا لينا رقيقا حتى يمضي ثلثاه. ثم يؤخذ من عسل النحل المصفى رطل فيلقى عليه، ويؤخذ مقداره مقدار الماء إلى أين كان من القدر (أي إلى مستوى الماء في القدر سابقا). ويغلى حتى يذهب قدر العسل ويعود إلى حده.
(كثرة الغليان تؤدي إلى طرد أي كحول يتكون بعملية التخمر) ويؤخذ خرقة صفيقة فيجعل فيها زنجبيل وزن درهم، ومن القرنفل نصف درهم، ومن الدار صيني نصف درهم، ومن الزعفران درهم، ومن الهندباء مثله، ومن المصطكي نصف درهم، بعد أن يسحق الجميع كل واحد على حدة ويجعل في الخرقة، ويشد بخيط شدا جيدا. وتلقى فيه وتمرس الخرقة في الشراب بحيث تنزل قوى العقاقير التي فيها. ولا يزال يعاهد بالتحريك على نار لينة برفق حتى يذهب عنه مقدار العسل. ويرفع القدر ويؤخذ مدة ثلاثة أشهر حتى يتداخل مزاجه بعضه ببعض وحينئذ يستعمل.
(ومقدار ما يشرب منه أوقية إلى أوقيتين من الماء القراح (أي تضاف أوقتان من الماء، والأوقية تساوي ٣٠ مليلتر). فإذا أكلت يا أمير المؤمنين مقدار ما وصفت لك من الطعام فاشرب من هذا الشراب مقدار ثلاثة أقداح بعد طعامك، فإذا فعلت فقد أمنت بإذن الله يومك وليلتك من الأوجاع الباردة المزمنة كالنقرس والرياح وغير ذلك من أوجاع العصب والدماغ والمعدة وبعض أوجاع الكبد والمعاء (الأمعاء) والاحشاء. فإن صدقت بعد ذلك بشهوة الماء، فليشرب منه مقدار النصف مما كان يشرب قبله، فإنه أصلح لبدن أمير المؤمنين، وأكثر لجماعه وأشد لضبطه وحفظه، فإن صلاح البدن وقوامه يكون بالطعام والشراب، وفساده يكون بهما، فإن أصلحتهما صلح البدن، وإن أفسدتهما فسد البدن). انتهى كلام الإمام علي الرضا في الرسالة الذهبية في موضوع صفة الشراب.