وأمر المأمون ابنه العباس أن يتقدم الناس ويبايع الرضا فبايع.. وأعطى المأمون الجنود والامراء أعطيات جزيلة.. وتكلم الرضا بخطبة موجزة وقال: (يا أيها الناس إن لنا عليكم حقا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولكم علينا حق به. فإذا أديتم إلينا ذلك. وجب لكم علينا الحكم. والسلام).. وخطب للرضا بولاية العهد في كل البلدان.
وذكر المديني أن الرضا لما جلس ذلك المجلس نظر إلى بعض مواليه وخواصه وقال له في أذنه سرا: (لا تشغل قلبك بشئ مما ترى من هذا الامر ولا تستبشر فإنه لا يتم).
وقد ذكر الطبري (1) أن عليا الرضا لما قدم مرو أحسن المأمون وفادته. وجمع رجال دولته وأخبرهم أنه قلب نظره في أولاد العباس وأولاد علي بن أبي طالب فلم يجد أحدا أفضل ولا أورع ولا أعلم منه. فولاه عهده ولقبه الرضا من آل محمد، وأمر جنده بطرح السواد شعار العباسيين وكتب بذلك إلى الآفاق وذلك لليلتين خلتا من رمضان سنة 201 ه.
فأحفظ ذلك بني العباس ولا سيما منصور وإبراهيم ابني المهدي. وامتنع أهل بغداد عن البيعة للرضا. ثم خاض الناس في خلع المأمون وأخذ البيعة لإبراهيم بن المهدي وسار المأمون بجيشه من مرو إلى بغداد وأخضع الناكثين، وعفا عن عمه وقرابته.
كتاب العهد الذي كتبه المأمون لعلي الرضا (2) (بسم الله الرحمن الرحيم. هذا كتاب كتبه ابن هارون الرشيد لعلي بن موسى بن جعفر ولي عهده: أما بعد. فإن الله عز وجل اصطفى الاسلام دينا واختاره له من عباده رسلا دالين عليه وهادين إليه، يبشر أولهم آخرهم، ويصدق تاليهم ماضيهم حتى انتهت نبوة الله تعالى إلى محمد صلى الله عليه وآله وسلم على