إمام علي الرضا ورسالته في الطب النبوي - محمد علي البار - الصفحة ١٤٦
ومعدنة الشفتين، وليس للشفتين قوة إلا بالأسنان (1)، وليس يستغني بعضها عن بعض.
(والكلام لا يحسن إلا بترجيعه في الانف لأن الانف يزين الكلام كما يزين النفخ المزمار (2)، وكذلك المنخران هما ثقبتا الانف يدخلان على الملك مما يحب من الريح الطيبة، فإذا جاءت ريح تسوء على الملك أوحى إلى اليدين فحجبا بين الملك وتلك الريح، وللملك مع هذا ثواب وعقاب، فعذابه أشد من عذاب الملوك الظاهرة القاهرة في الدنيا، وثوابه أفضل من ثوابهم. فأما عذابه فالحزن، وأما ثوابه فالفرح. وأصل الحزن في الطحال وأصل الفرح في الثرب (الخاصرة وما حولها) والكليتين (3). ومنهما يوصلان إلى الوجه فمن هناك يظهر الفرح والحزن فيرى علامتهما في الوجه. وهذه العروق كلها طرق من العمال إلى الملك ومن الملك إلى العمال. ومصداق ذلك أنه إذا تناولت الدواء أدته العروق إلى موضع الداء بإعانتها (4).
عمارة الجسم مثل عمارة الأرض الطيبة، وأهمية الاعتدال في الطعام:
واعلم يا أمير المؤمنين أن الجسد بمنزلة الأرض الطيبة متى تعوهدت بالعمارة والسقي من حيث لا يزداد في الماء فتغرق ولا ينقص منه فتعطش، دامت عمارتها، وكثر ريعها وزكى زرعها، وإن تغوفل فسدت ولم ينبت فيها العشب، فالجسد بهذه المنزلة، وبالتدبير في الأغذية والأشربة يصح وتزكو العافية (5).
فانظر يا أمير المؤمنين ما يوافقك ويوافق معدتك، ويقوى عليه بدنك ويستمرء به من الطعام فقدره لنفسك واجعله غذاك.

(١) في كتاب رمز الصحة: (الا باللسان) وهو ما يتفق والسياق.
(2) هذا الكلام فيه شئ من الصحة. فالصوت يخرج من الحنجرة بتأثير مرور الهواء بين الحبال الصوتية. ويتم ظهور الحروف حسب أنواعها حلقية وشفهية.. الخ بتحرك اللسان والشفتين.
وتعمل الجيوب الأنفية على تزخيم الصوت وترجيعه.
(3) هذا الكلام عن أصل الحزن في الطحال وأصل الفرح في الثرب والكلى لا يقرء الطب الحديث.
(4) هذه لفتة جيدة بارعة من الإمام الرضا في دخول الدواء الدورة الدموية وتوزيعه على الأعضاء.
(5) تشبيه جميل وجيد وصحيح.
(١٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 139 141 142 144 145 146 147 149 150 151 152 ... » »»
الفهرست