أصحاب رسول الله تفرقوا في البلاد.. وأفتى أهل كل مصر بما وصل لديهم ورأوه. فلا تحمل الناس على الموطأ.
وهكذا كان هذا العلم شامخا في علمه وتواضعه وصبره وحلمه وجهاده.
وكان شديدا في الفتيا وكثيرا ما كان يسأل عن المسألة فيقول: لا أدري. وقد اشتهرت قصة الرجل الذي جاءه من المغرب في مسألة يستفتيه فقال له مالك: لا أدري. فقال الرجل: أتقول لا أدري وأنت أعلم أهل الأرض اليوم وقد جئتك من بلاد بعيدة وسافرت إليك ستة أشهر؟ فقال مالك: إذهب إلى بلادك وقل لهم:
مالك يقول لا أدري.
ولقد استفاد الامام مالك من صحبة الإمام جعفر الصادق. وكان كلا منهما يحب صاحبه ويوقره. قال مالك: (كنت آتي جعفر بن محمد، وكان كثير المزاح والتبسم، فإذا ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم اخضر واصفر. ولقد اختلفت إليه زمانا، فما كنت أراه إلا على ثلاث خصال: إما مصليا وإما صائما وإما يقرأ القرآن، وما رأيته قط يحدث عن رسول الله إلا على الطهارة ولا يتكلم فيما لا يعنيه، وكان من العلماء الزهاد العباد الذين يخشون الله. وما رأيته قط، إلا يخرج الوسادة من تحته ويجعلها تحتي).
أبو حنيفة النعمان (80 - 151) (النعمان بن ثابت بن زوطي بن تباه الكوفي المولد. فارسي الأب والام. أصله من بلخ (شمال أفغانستان). لقي ستة من الصحابة منهم أنس بن مالك. وسمع من التابعين.
وقد أفاد الامام مالك من الإمام جعفر الصادق ومن أبيه الإمام محمد الباقر بن علي زين العابدين، رحم الله الجميع.
كان الإمام أبو حنيفة النعمان من أشد الناس حبا لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد تتلمذ الإمام أبو حنيفة لمجموعة من أعلام البيت النبوي منهم الإمام محمد الباقر بن علي زين العابدين (1). وقد ذهب إليه الإمام أبو حنيفة إلى المدينة المنورة