من وقائع زرعت في قلوب نفاقا وردة وشقاقا - وزادت المؤمنين إيمانا.
فقال معاوية: يا أم الخير ما أردت بهذا الكلام إلا قتلي، ولو قتلتك ما حرجت في ذلك. قالت: والله ما يسوءني في أن يجري قتلي على يدي من يسعدني الله بشقائه (1).
وروي أن عكرشة بنت الأطرش بن رواحة دخلت على معاوية متوكئة على عكازها، فسلمت عليه بالخلافة ثم جلست. فقال لها معاوية: الآن يا عكرشة صرت عندك أمير المؤمنين. قالت: نعم إذ لا علي حي، فقال: ألست المتقلدة حمائل السيف بصفين، وأنت واقفة بين الصفين تقولين: أيها الناس عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم. إن الجنة لا يرحل عنها من قطنها، ولا يهرم من سكنها، ولا يموت من دخلها، فابتاعوها بدار لا يدوم نعيمها، ولا تنصرم همومها، وكونوا قوما مستبصرين في دينهم، مستظهرين بالصبر على طلب حقهم. إن معاوية دلف إليكم العرب غلف القلوب. لا يفقهون الإيمان ولا يدرون ما الحكمة. دعاهم بالدنيا فأجابوه واستدعاهم إلى الباطل فلبوه. ثم قال:
فكأني أراك على عصاك هذه، وقد انكفأ عليك العسكران يقولون: هذه عكرشة بنت الأطرش، فإن كدت لتقتلين أهل الشام لولا قدر الله، وكان أمر الله قدرا مقدورا، فما حملك على ذلك؟ قالت: يا أمير المؤمنين قال تعالى: " يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم)، وإن اللبيب إذا كره أمرا لا يحب إعادته. قال: صدقت فاذكري حاجتك. قالت: إنه كانت صدقاتنا تؤخذ من أغنيائنا فترد على فقرائنا، وإنا فقدنا ذلك، فقال معاوية: هيهات يا أهل العراق نبهكم علي بن أبي طالب فلن تطاقوا (2).
لم يكن سهلا على معاوية أن يتلقى صفعات الحقائق من النساء المسلمات، ولكن معاوية عندما يستمع فإنما يستمع لهدف. ولقد اختار من النساء التي تشتهر بين قومها بالبلاغة، واختار أن يسمع من النساء، لأن الكلمات