طائعة فارجعي إلى منزلك. وإن كنت أتيتنا مستكرهة. فاستعيني بالناس " (1)، ولكن فوات أم المؤمنين قامت بتنفيذ أمر القتال الأول الذي سمعه أبو الأسود الدؤلي حين بعثه ابن حنيف إلى السيدة عائشة. وهذا الأمر " لست بمنصرفة حتى أمضي لما قدمت إليه (2)، ودار قتال شديد وكثر عدد القتلى في أصحاب ابن حنيف (3)، وتدخلت أطراف لإنهاء هذا النزاع ولكن الأمور كانت تجري بسرعة نحو يوم الجمل. ففي نهاية المطاف تم الاستيلاء على البصرة. وأخرجوا عثمان بن حنيف، من قصره. وروى الطبري: أنهم أرسلوا إلى عائشة يستشيرونها في أمر ابن حنيف فقالت: إقتلوه. فقالت لها امرأة: نشدتك بالله يا أم المؤمنين في عثمان وصحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت عائشة: احبسوه ولا تقتلوه " (4).
وأمر مجاشع بن مسعود وكان أحد جنود أم المؤمنين بضرب عثمان ونتف شعر لحيته: فضربوه أربعين سوطا ونتفوا شعر لحيته ورأسه وحاجبيه وأشفار عينيه وحبسوه (5) وخطبت أم المؤمنين: أيها الناس، إنه ما بلغ من ذنب عثمان ما يستحل به دمه. مصتموه كما يماص الثوب الرخيص. ثم عدوتم عليه فقتلتموه بعد توبته وخروجه من ذنبه وبايعتم ابن أبي طالب بغير مشورة من الجماعة ابتزازا وغصبا أتروني أغضب لكم من سوط عثمان ولسانه. ولا أغضب لعثمان من سيوفكم. ألا إن عثمان قتل مظلوما فاطلبوا قتلته. فإذا ظفرتم بهم فاقتلوهم. ثم اجعلوا الأمر شورى بين الرهط الذين اختارهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب.
ولا يدخل فيهم من شرك في دم عثمان " (6).
وهكذا خرج علي بن أبي طالب من الخلافة عند أول خطوة داخل البصرة