وجدته في شئ من كتاب الله جل ذكره؟ قالت: ما نقرأ إلا ما تقرأون. فقال:
فهل رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استعان بشئ من نسائه إذا كان في قلة والمشركين في كثرة؟ قالت: اللهم لا. فقال الأحنف: فإذن ما هو ذنبنا " (1).
وروي أن عثمان بن حنيف عندما علم برسائل السيدة عائشة إلى وجوه أهل البصرة دعا عمران بن حصين وأبا الأسود الدؤلي وقال: انطلقا إلى هذه المرأة، فاعلما علمها وعلم من معها، فخرجا، ودخلا على عائشة بعد أن استأذنا وأذنت وقالا: إن أميرنا بعثنا إليك نسألك عن مسيرك. فهل أنت مخبرتنا. فقالت:
أطالب بدم عثمان، فقال أبو الأسود: إنه ليس في البصرة من قتلة عثمان أحد.
قالت: صدقت، ولكنهم مع علي بن أبي طالب في المدينة. وجئت أستنهض أهل البصرة لقتاله. أنغضب لكم من سوط عثمان ولا نغضب لعثمان من سيوفكم؟ فقال: ما أنت من السوط والسيف إنما أنت حبيس رسول الله صلى الله عليه وسلم. أمرك أن تقري في بيتك وتتلي كتاب ربك، وليس على النساء قتال ولا لهن الطلب بالدماء، وإن أمير المؤمنين لأولي بعثمان منك وأحسن رحما، فإنهما أبناء عبد مناف. قالت: لست بمنصرفة حتى أمضي لما قدمت إليه. أفتظن يا أبا الأسود أن أحدا يقدم على قتالي. فقال: أما والله لنقاتلنك قتالا أهونه لشديد. ورجعا إلى عثمان بن حنيف وقال أبو الأسود إنها الحرب فتأهب لها " (2).
ومما سبق يضاف إلى أسباب خروج السيدة عائشة. أن القوم ظنوا أن أحدا لن يجرؤ على قتالها. ويترتب على ذلك أن يقف أمير المؤمنين علي وحده في العراء ومعه قلة لا تغني عنه أمام الكثرة شيئا. وبدأ عثمان بن حنيف يتجهز لصد العدوان. وكان يعلم أن للناكثين أعوانا بالبصرة (3). وأقبلت قوات أم المؤمنين،