(لقد فعلتم فعلة ضعضعت قوة، وأسقطت منة، وأورثت وهنا وذلة، ولما كنتم الأعلين، وخاب عدوكم، ورأى الاجتياح، واستحر بهم القتل، ووجدوا ألم الجراح، رفعوا المصاحف، ودعوكم إلى ما فيها ليفتؤوكم عنها، ويقطعوا الحرب في ما بينكم وبينهم، ويتربصوا ريب المنون، خديعة، ومكيدة، فأعطيتموهم ما سألكموه، وأبيتم إلا أن توهنوا وتجوروا، وأيم الله، ما أظنكم بعدما توافقون رشدا، ولا تصيبون باب حزم (191).
اجتمع الحكمان ببلدة تقع خارج الشام يقال لها (أذرح) - قي مدينة تبوك، ودومة الجندل قديما، وحضرت التحكيم جماعة من أصحاب علي وأخرى من أصحاب معاوية.
ولما اجتمع عمرو وأبو موسى، قال عمرو:
(يا أبا موسى: أرأيت أول ما تقضي به من الحق أن تقضي لأهل الوفاء بوفائهم، وعلى أهل الغدر بغدرهم).
قال أبو موسى:
(وما ذاك)؟.
قال عمرو:
ألست تعلم أن معاوية وفي، وقدم للموعد الذي واعدناه؟).
قال: نعم.
قال: اكتبها.
فكتبها أبو موسى.
ثم قال له: يا أبا موسى ألست تعلم أن عثمان قتل مظلوما؟ قال: أشهد.
قال: ألست تعلم أن معاوية وآل معاوية أولياؤه؟ قال: بلى، قال: فما يمنعك