منسجما. ففيه من المندسين ما قد يبرز في الربع الأخير، ليمنى القوم هزيمة - كما وقع - وأمامه تجربة أبيه وجده من قبله، وله ما عهد به علي (ع) له سرا. كانت وظيفة الإمام الحسن (ع) أن ينتشل الأمة من مواتها، ويردها بكاريزمية إلى الطريق السليم إلى الوجهة المباركة، لكن الأمر اليوم، يحتاج إلى تحقيق القدر الضروري من مصالح الإسلام والمسلمين، وتجنب الدمار الشامل لمكتسبات سنين من الكفاح الرسالي.
ولما سمع القوم منه ذلك، أحجموا عن البيعة، وراحوا إلى أخيه الحسين (ع) قائلين له:
(ابسط يدك نبايعك على ما بايعنا عليه أباك، وعلى حرب المحلين الضالين أهل الشام).
فردهم الحسين (ع) قائلا: معاذ الله أن أبايعكم ما كان الحسن حيا.
ولما أبى الحسين، عادوا إلى الحسن، فبايعوه وهم مكرهون (203).
وكانت وراء هذا الحدث أسباب جديرة باستلفات النظر. فالحسين لا يقبل الخلافة، ما دام أخوه الحسن أمامه. ذلك أن الوصية الشرعية لأخيه من قبله.
وكان من المفروض أن يستجيب الإمام الحسين (ع) للبيعة فيما لو لم يكن حائل شرعي.
ولما عادوا للإمام الحسن (ع) كان من الضروري أن يستجيب لاكتمال النصرة. بايعهم الإمام الحسن (ع) وقلبه زاهد فيهم، لولا حرصه على مستقبل الأمة.
كان أصحابه مصرين على قتال أهل الشام. فهم يريدون إماما يسير على هواهم وهذا ما جعل الإمام الحسن (ع) لا يغامر بعيدا.
والجيش العراقي الذي كان يتكئ عليه الإمام الحسن (ع) لم يكن منسجما