لقد شيعني الحسين (ع) - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ٢٠٧
عثمان: فاستغفر لي يا أبا عبد الرحمن. قال ابن مسعود: أسأل الله أن يأخذ لي منك بحقي، ولم يكن ابن مسعود هو أول وآخر من سلك فيهم عثمان، سياسة القمع. فهناك عمار بن ياسر. الذي طالما تمرد وتمرد على عثمان وزمرته. وكان عمار رغم ضعف عشيرته، ذا مركز اجتماعي كبير، منحته إياه سابقيته، وبلاؤه مع الرسول صلى الله عليه وآله وكان كما سبق القول، ميزانا للحق والباطل (131). وكذلك حرص عثمان أن لا يمارس عليه القمع مثل ما فعل بالآخرين، غير أن التصعيد الثوري فرض عليه خيار القمع المضاد للتمرد. ويذكر البلاذري في أنساب الأشراف، أن عثمان أخذ جواهر من بيت المال فحلى به بعضا من أهله فغضب الناس. فخطب فقال: (لنأخذن حاجتنا من هذا الفئ وآن رغمت أنوف أقوام).
فقال له علي: إذن تمنع من ذلك ويحال بينك وبينه. وقال عمار: أشهد الله أن أنفي أول راغم من ذلك. فقال عثمان: أعلي يا ابن المتكاء تجترئ! خذوه.
فأخذ، ودخل عثمان فدعا به فضربه حتى غشي عليه. وما زال عمار في مناوئته لعثمان، ومعارضته لسياسته حتى قتل كما أستمر عثمان في ملاحقة المعارضة ورموزها. وفي تلك الأثناء كان بالشام أحد كبار الصحابة وطلائع الرسالة، وهو أبو ذر الغفاري (رض) وقد كان رجلا ثوريا لم تثنه لومة ولا ثناء، عن نصرة الرسالة. وقد قال عنه الرسول صلى الله عليه وآله: (ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء رجلا أصدق ذي لهجة من أبي ذر) (132). ولذلك لما رأى عثمان بالمدينة يقرب أبناء عشيرته ويكثر لهم في العطاء من بيت مال المسلمين، رفع صوته عاليا: (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم). فضاق عمال عثمان وأقرباؤه بهذا الشعار، فشكاه مروان بن الحكم إلى عثمان، فأرسل إليه عثمان، فرد عليهم أبو ذر: أينهاني عثمان عن قراءة كتاب الله وعيب من ترك أمر الله: لأن أرضي الله بسخط عثمان أحب إلي من أن أرضي عثمان بسخط الله.

(131) - ورد في الحديث ابن سمية، تقتله الفئة الباغية.
(132) - وفي حديث (يبعث أبو ذر أمة وحده).
(٢٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 7
2 الاهداء 11
3 المقدمة 13
4 لماذا الرجوع إلى التاريخ؟ 19
5 لماذا الحديث عن الشيعة والسنة 23
6 مدخل 29
7 ثم ماذا 33
8 الفصل الأول: كيف كان تصوري للتاريخ الاسلامي؟ 39
9 الخلافة الراشدة 43
10 الفصل الثاني: مرحلة التحول والانتقال 55
11 الفصل الثالث: وسقطت ورقة التوت! 69
12 كلمة البدء 71
13 الزرادشتية الإيرانية والتشيع 87
14 وأثرت السؤال 93
15 الفصل الرابع: من بؤس التاريخ إلى تاريخ البؤس! 99
16 رحلة جديدة مع التاريخ 101
17 سيرة الرسول: المنطلق والمسيرة! 103
18 السقيفة 125
19 الوفاة وملابساتها 127
20 عصر ما بعد السقيفة 149
21 عمر بن الخطاب مع الرعية 161
22 الخلافة وبعد وفاة عمر 181
23 عثمان أو الفتنة الكبرى 191
24 مقتل عثمان.. الأسباب والملابسات 213
25 بيعة الإمام علي (ع) 225
26 صفين: مأزق المآزق! 243
27 ما حدث به خلافة الحسن (ع) 267
28 الامام الحسن والواقع الصعب 273
29 قتل الحسن.. المؤامرة الكبرى 287
30 واشر أب الملك بنفسه 291
31 وملك يزيد 295
32 ملحمة كربلاء 297
33 لقد شيعني الحسين 313
34 الفصل الخامس: مفاهيم كشف عنها الغطاء 323
35 مفهوم الصحابي 325
36 نماذج وباقات 329
37 أبو بكر 331
38 عائشة بنت أبي بكر 337
39 ايديولوجيا المنطق السلفي 349
40 ليس كل الصحابة عدول 353
41 بعض الصحابة سيرتد، بالنص 355
42 مفهوم الإمامة 359
43 الفصل السادس: في عقائد الإمامية 381
44 البداء 399
45 وأخيرا 405