خالد بن الوليد، ليقاتلهم على الزكاة. وكانت قبائل، كأسد وغطفان، ممن قد (ارتد) أهلها، فبعث لهم أبو بكر سرايا للقتال فقضوا عليهم. ولكن التاريخ الرسمي، لم يرو لنا إلا ما يريده مؤرخة البلاط. إذ كيف نتصور ذلك. كيف إن هؤلاء الذين أسلموا في عهد الرسول صلى الله عليه وآله لم يتمكن منهم الرسول صلى الله عليه وآله في الهداية. ثم ارتدوا جميعا من دون أن يبقى واحد منهم على إسلامه. لقد امتنع هؤلاء عن تقديم الزكاة لشبهة معينة، ولم يمتنعوا عن الإسلام. وامتناعهم عن تقديم الزكاة لأبي بكر نابع عن عدم الاعتراف به كخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ولقد اعترض عمر بن الخطاب نفسه على قتالهم. لكنه، فشل في كسر أبي بكر عن رأيه.
وتلك سياسة عرفت في حكومة أبي بكر وعمر. فهما دائما يشكلان سياسة مزدوجة، تتفق والأهداف التي يتوخيان تحقيقها والصورة التي رسمها - العقاد لهما في عبقرياته، لم تكن بتلك البراءة التي يريدها لهما أديب هم خلع الخيال على الشخصيات التي يترجم لها، ذلك لما ذكر، أن أبا بكر لما يغضب، فإن عمر يكون لينا، ولما يلين الأول، يتصلب الثاني. هذا التوازن له مقاصده السياسية.
ليتركوا فجوة في سياستهما، ضد أي موقف محتمل. وحتى إذا قيل إن أبا بكر يقاتل المسلمين. يقال لهم، إن عمر بن الخطاب ممن عارضه، ومع ذلك لم يتخل عن خلافته! وكشفت تلك الحروب عن حقائق في رجالات أبي بكر وعمر. كفضيحة (خالد بن الوليد) الذي قتل (مالك بن نويرة) وهو مسلم. واستأثر بزوجته لقد ثبت أن مالك بن نويرة، لم يكن عازما على قتال جيش خالد بن الوليد. فقد ذكر ابن الأثير في الكامل: (وكانت سجاح تريد غزو أبي بكر، فأرسلت إلى مالك بن نويرة، تطلب الموادعة، فأجابها وردها عن غزوها وحملها على أحياء من بني تميم، فأجبته وقالت: أنا امرأة من بني يربوع، فإن كان ملك فهو لكم. وهرب منها عطارد بن حاجب وسادة بني مالك وحنظلة إلى بني العنبر).
هناك نقطة لم يشر إليها المؤرخون، أو بالأحرى المحققون في الأخبار (فسجاح) لم تكن كما يصورها التاريخ (المقلوب) إنها خارجة أو مرتدة. ورأيي إنها لم تكن كذلك إلا أن (السياسة) اقتضت حبكها على تلك الصورة، لا لشئ