ثالثا: إن عليا بن أبي طالب هو الذي كتب الصلح يوم الحديبية بإملاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يعترض عليه في شئ طيلة حياته، لا بمناسبة الحديبية ولا في غيرها، ولم يسجل التاريخ بأنه عليه السلام تأخر عن أمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أو عصاه مرة واحدة - حاشاه - ولا فر مرة من الزحف وترك أخاه وابن عمه بين الأعداء، بل كان دائما يفديه بنفسه. والخلاصة أن عليا بن أبي طالب هو كنفس النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولذلك كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: لا يحل لأحد أن يجنب في المسجد إلا أنا وعلي (1).
وأقتنع أغلب المحاورين بما أوردته واعترفوا بأن عليا بن أبي طالب ما خالف في حياته أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وأخرج البخاري في صحيحه من جزئه الثامن في الباب كراهية الخلاف من كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة.
عن عبد الله بن عباس قال: لما احتضر النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب، قال: هلم أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده، فقال عمر: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم غلبه الوجع وعندكم القرآن فحسبنا كتاب الله واختلف أهل البيت واختصموا فمنهم من يقول قربوا يكتب لكم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كتابا لن تضلوا بعده، ومنهم من يقول ما قال عمر، فلما أكثروا اللغط والاختلاف عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: قوموا عني، فكان ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم. (صحيح البخاري: 8 / 161 و 1 / 37 و 5 / 138).