وإذا تركنا كل هؤلاء واعتمدنا فقط على سكان المدينة من صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإنا نجزم بأن هؤلاء أيضا ظهرت فيهم حسيكة النفاق وحتى المؤمنين منهم أغلبهم انقلب على عقبيه من أجل الخلافة.
وقد عرفنا فيما سبق من أبحاث أنهم تآمروا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلى وصيه وعصوا رسوله الله صلى الله عليه وآله وسلم في أوامره التي أمرهم بها وهو على فراش الموت.
وهذه الحقيقة لا مفر منها للباحثين عن الحق إذ يصطدمون بها عند قراءة كتب التأريخ والسيرة النبوية، وقد سجلها كتاب الله سبحانه بأجل العبارة وأحكم الآيات بقوله تعالى:
وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين [آل عمران:
144].
فالشاكرون هم الأقلية من الصحابة الذين لم ينقلبوا، وثبتوا على العهد الذي أبرموه مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يبدلوا تبديلا.
وبهذه الآية الكريمة ومدلولها المحكم تسقط دعوى أهل السنة: بأن الصحابة لا علاقة لهم بالمنافقين ولو سلمنا لهم جدلا بذلك، فإن هذه الآية الكريمة خاطبت الصحابة المخلصين الذين لم يكونوا منافقين في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإنما انقلبوا على أعقابهم بعد وفاته مباشرة.
وسوف يتضح أمر هؤلاء إذا ما بحثنا أحوالهم في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبعد وفاته وما قاله فيهم سول الله صلى الله عليه وآله وسلم وطفحت به كتب الحديث والسيرة والتأريخ.