والحديث القائل: إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما (26)..
والحديث القائل: ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون فمن عرف برئ ومن أنكر سلم. ولكن من رضي وتابع قالوا أفلا نقاتلهم. قال: لا ما صلوا (27)..
وفي رواية أخرى: وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم. قيل يا رسول الله أفلا ننابذهم بالسيف. فقال: لا ما أقاموا فيكم الصلاة. وإذا رأيتم من ولاتكم شيئا تكرهونه فاكرهوا عمله ولا تنزعوا يدا من طاعة (28)..
إن مثل هذه الأحاديث التي باركها القوم هي التي صنعت بني أمية وبني العباس وغيرهم من حكام السوء وسلطتهم على رقاب المسلمين وأضفت عليهم المشروعية على الرغم من ممارساتهم ومواقفهم الجاهلية التي تصطدم بقواعد الإسلام وقواعد الأخلاق والعدل (29)..
مثل هذه الأحاديث هي التي قتلت روح التجديد والتغيير في أمة المسلمين وحولتهم إلى قطيع من الأغنام يسوقهم الحاكم كيفما شاء. هذه الأحاديث ما تزال سيوفا على رقاب المسلمين حتى اليوم ولا يجرؤ أحد على المساس بها أو التشكيك فيها..
لقد دعم فقهاء الهزيمة أطروحتهم بمثل هذه الأحاديث المخيفة لأي اتجاه أو تيار يفكر في الخروج على الخط السائد ونبذ أطروحته..
ثم دعموا هذا الموقف بحديث منسوب للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: من بدل دينه فاقتلوه (30)..
وهكذا شاع الارهاب الفكري في الأمة وقنن هذا الارهاب واكتسب مشروعية بهذه الأحاديث وتم التنكيل بأصحاب الرأي وتصفيتهم جسديا بتهمة الزندقة والردة (31)..
وتبدو هناك ظاهرة خطيرة في مجال الحديث والرواية وهي صلة الحكام بعملية تدوين السنة ودعم رموزها البارزة..
ففي عهد الخليفة الأول والثاني منعت الرواية وأحرقت صحفها وفرض عمر