فهم أجمعوا على خلافة الأربعة: أبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي..
وأجمعوا على عدالة جميع الصحابة بلا استثناء..
وأجمعوا على طاعة الحكام وعدم منابذتهم والخروج عليهم..
وأجمعوا على صحة كتابي: البخاري ومسلم..
وأجمعوا على صحة مصحف عثمان..
هذا هو الاجماع. وهذه هي حقيقته. إنه إجماع خاص بالقوم وليس بالأمة.
وهو إجماع مصيري بالنسبة لهم إذ الخروج عليه معناه هدم عقائدهم ومفاهيمهم.
ولولا هذا الاجماع ما استطاع القوم إقناع المسلمين والأجيال اللاحقة بتبني خطهم وأطروحتهم..
إن المتأمل في الأطروحة الإسلامية المعاصرة سوف يكتشف أنها تقوم على فكرة الاجماع وليس على النصوص مما يعد صورة من صور تغلب الرجال على النصوص..
والهدف من فكرة الاجماع هو نفس الهدف من فكرة العدالة كلاهما يدفع بالأمة إلى الاستسلام للخط السائد وإضفاء المشروعية عليه. وكما أن فكرة العدالة من اختراع السياسة فإن فكرة الاجماع أيضا من اختراع السياسة..
ولقد استخدمت فكرة الاجماع كسلاح يتم إشهاره في وجه المناوئين والرأي الآخر وعلى أساسه تم تصفية الاتجاهات المخالفة وعزلها. وما كان ذلك ليتم لولا دعم الحكام الذين وجدوا في هذه الفكرة عونا ومستندا لهم..
ومسألة الاجماع على خلافة الأربعة لا تخرج عن كونها لعبة سياسية الهدف من ورائها ضرب خط آل البيت. فكون الإمام علي يكون في المؤخرة ويقدم عليه عثمان رأس بني أمية في الحكم ومن قبل عثمان عمر ومن قبل عمر أبو بكر. فإن هذا يعني أن هؤلاء الثلاثة أفضل منه. وما داموا أفضل منه فهذا يعني أنه غير مميز وليس بصاحب مكانة خاصة. وإذا ما وصل المسلم لهذا الإعتقاد فسوف يستخف بآل البيت ولا يعبأ بهم. وهذا هو الهدف من وراء هذا المعتقد..
وما يثير الشك هو تشدد القوم في هذا الإعتقاد ورفعهم شعار الزجر والوعيد