لكنني عندما تحررت من وهم القداسة بفضل الله وعونه - وجدت الطريق مفتوحا أمامي للوصول إلى حقيقة الإسلام. واكتشفت أن هذا الدين قد تحققت فيه سنة الأولين التي تمتثل في طغيان الرجال على النصوص من بعد الرسول بحيث تصح الأمة تتلقى دينها من الرجال لا من النصوص التي ورثها الرسول مما يؤدي في النهاية إلى ضياع حقيقة الإسلام كما ضاعت من قبل حقيقة دين موسى وعيسى (عليهما السلام)، على يد أحبار ورهبان بني إسرائيل الذين قال الله تعالى فيهم: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله).
عندما بدأت أتتبع النصوص وأحداث التاريخ بمعزل عن الرجال. أو بمعنى أدق عندما وضعت النصوص فوق الرجال عرفت الحق.
لقد طبقت القاعدة التي ذكرها الشاطبي في كتابه الاعتصام عن الحق والرجال. هل يعرف الرجال بالحق. أم يعرف الحق بالرجال؟.
وإن كان الفقهاء قد أجمعوا أن الرجال يعرفون بالحق إلا أن هذه القاعدة في الحقيقة لا وجود لا من واقعهم وتراثهم. فهم قد رفعوها شعارا لهم في الظاهر وفي الحقيقة طبقوا عكسها ولقد كان أمر التفريق بين النص والرجال ومحاولة فهم النص بمعزل عنهم هو الذي أوصلني لحقيقة الإسلام. وما كان لي أن أصل لهذه الحقيقة لو التزمت باعتماد أقوالهم وتفسيراتهم للنصوص. هذه الأقوال والتفسيرات التي تفوح منها رائحة السياسة في الغالب لقد اكتشفت الحقيقة وخرجت من دائرة الوهم إلى دائرة الحقيقة عندما تتبعت مسيرة الإسلام من بعد الرسول صلى الله عليه وآله وأعدت قراءته من جديد.
واستراحت نفسي من بعد سنوات طويلة من التيه والحيرة عندما وقع بصري على الطرف المغيب من تأريخ الإسلام وواقع المسلمين واستقرت قدماي على الطريق.
وتبددت الغشاوة فور أن سطع أمامي نور آل البيت وظهرت لي معالم الصراط المستقيم وتيقنت أنني على طريق الإسلام الصحيح.
وما خططته من هذا الكتاب ليس سيرة ذاتية أو تجارب شخصية بقدر ما هو عرض لواقع وتفنيد لحجج وكشف لحقائق غائبة عن المسلمين.