المعاصرة سرعان ما تنامى وقوي بحيث دفعني إلى طرح التراث جانبا والبحث عن الدين من جديد..
وينبغي قبل الخوض في التفاصيل أن نعمل على تعريف مفهوم التراث ومفهوم الدين حتى يمكن التفريق بينهما. فمن دون هذا التفريق يحدث الخلط وتضيع حقيقة الدين..
ما هو الدين..؟.
إن الدين هو مجموعة النصوص التي جاء بها الرسول وبلغها للناس. الدين هو حركة اتصال بين الله والإنسان ينتج عنها الالتزام بعقائد وشرائع إلهية..
والكتاب الذي يأتي به الرسول إلى قومه إنما يحوي أصول وقواعد هذا الدين.
فمن ثم تعد مخالفته والطعن فيه خروجا عن الدين وكفرا به.
التوراة تحوي دين اليهود..
والإنجيل يحوي دين النصارى..
والقرآن كما بلغه وبينه يحوي دين المسلمين..
وما دام القرآن يحوي دين المسلمين فهو كما بينه الرسول يعد المصدر الوحيد لهذا الدين وأية محاولة للجوء إلى مصادر أخرى معناه تشوه هذا الدين وضياع معالمه..
وقديما أفتى ابن تيمية بكفر التتار الذين أسلموا لأنهم حكموا في حياتهم " الياثق " بجوار القرآن كما أشرنا في الباب السابق..
والرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) تنحصر مهمته في تبليغ القرآن وتبيينه للناس (وما على الرسول إلا البلاغ) (سورة النور: 54) وهذا التبيين إنما يكون ضمن حدود القرآن. وحتى يكون هناك التزام من الرسول بهذه الحدود ضبطت حركة نطقه وقيدت بالوحي (وما ينطق عن الهوي إن هو إلا وحي يوحى) (سورة النجم: 3 - 4) وذلك من أجل الحفاظ على شكل الدين وقواعده كما أراد الله سبحانه..
إن فهم دور الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) مقدمة لفهم القرآن.
وفهم القرآن هو معرفة الدين والإحاطة به. ودور الرسول في البلاغ والبيان ينتهي