فعمدوا إلى رجل قد حاربه - معاوية - فأطروه - رفعوه - كيدا منهم لعلي..
وعلق ابن حجر على هذه الرواية بقوله: فأشار بهذا إلى ما اختلقوه لمعاوية من الفضائل مما لا أصل له (21)..
يروي مسلم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أرسل ابن عباس وهو صبي في طلب معاوية. قال فجئت فقلت هو يأكل. ثم قال لي اذهب وادع لي معاوية. قال فجئت فقلت هو يأكل. فقال: لا أشبع الله بطنه (22).
وقد فسر بعضهم هذا الحديث لصالح معاوية واعتبر أن دعاء الرسول على معاوية يعني صحة الجسم بحيث تبقى شهيته مفتوحة على الدوام للطعام. كما وضع مسلم هذه الرواية تحت باب أسماه باب من لعنه الرسول أو سبه أو دعا عليه وليس هو أهلا لذلك كان له زكاة وأجرا ورحمة (23)..
ولقد كانت هذه الرواية هي السبب المباشر في مصرع النسائي المحدث على يد أنصار معاوية بالشام حين طلبوا منه أن يكتب كتابا في معاوية وأبى (24)..
ويبدو من هذا الطرح أن هناك محاولات بائسة من فقهاء يدينون بالولاء لبني أمية من أجل رفع مكانة هذه العائلة وإضفاء المشروعية على خطها وممارساتها..
وكانت هذه الروايات بالإضافة إلى هذه التفسيرات الدافع الأساسي الذي دفعني إلى الشك في جميع الروايات المتعلقة بالفضائل والعمل على بحثها وضبطها بميزان القرآن والعقل مما أوصلني إلى النتائج التالية:
- أن معظم الروايات التي تدور حول فضائل الصحابة لا تشير إلى منقبة واضحة محددة (25)..
- أن هذه الروايات تروى على الأغلب على لسان أصحاب الفضائل أنفسهم (26)..
- إن فحص سيرة هؤلاء يكشف إن مثل هذه الفضائل لا تخصهم وربما قصد بها سواهم (27)..
- إن الأضواء والروايات مسلطة على نماذج ورموز معينة من الصحابة بينما هناك رموز لها مكانتها ودورها البارز لم تحظ بشئ من هذه الروايات (28)..